بينما كان الدكتور محمد عبدالرب النظاري مهموماً لهمي ويفكر كيف يخدمني لأن لجنة اختبارات دبي قد أغلقت ابوابها وأخذت اجازة الصيف ولن تجتمع الا بعد 3 أشهر تقريباً، لمعت عينه وقال آخر أمل نشوف لجنة ابو ظبي لو عاده مجتمعة نرسلك لأبوظبي..
أخذ التلفون واتصل على رئيس اللجنة الشيخ المصري محمد سليمان فرج وسأله عن اللجنة فقال آخر اجتماع لها الاربعاء القادم، ونحن في يوم السبت، يعني باقي معنا أربعة أيام فقط، وأكيد عندهم زحمة ويريدون إنهاء كل شيء قبل الإجازة..
قال له معي واحد عزيز عليّ وهو من حفظة كتاب الله ولجنتنا اغلقت أبوابها قبل أسبوعين، فهل تقبلون شفاعتي في ضمه إلى الاختبارات لديكم خلال الأيام المتبقية، فوافق الشيخ فرج مباشرة وطلب اسمي ثم قال ارسله غداً إلى مكتبي بالوزارة..
أغلق الدكتور النظاري الهاتف وقال الحمد لله يبدو ان الوالدة بتدعي لك، ثم قال رعاه الله: لم أعملها في حياتي ولااحب ان اتوسط او اتدخل في شيء خاص بابوظبي، وقد فهمتُ متأخراً سبب حديثه عن ابوظبي تحديداً..
ثم قال اين شنطة سفرك قلت بالفندق، باروح اخذها واحاسب الفندق وامشي الصباح لابوظبي، اعطيني العنوان فقط..
قال لا.. استيشن ابوظبي قريب البيت هنا، وانت ارقد عندنا مع الشباب وبكرة بوصلك للاستيشن وتركب من هناك بدري عشان ماتتأخر على الشيخ محمد سليمان.. وبالنسبة للفندق فأكيد الليلة قده محسوبة عليك، إعطي الحساب لأحد الشباب وهو بكرة يروح يدفع الفاتورة وياخذ الشنطة وانا بارسلها لك لعند الحاج علي عبده الحاج وهذا الكرت حقه بعدما تخلص من الوزارة ويعطوك الموعد لاتخسر نفسك ولاتسكن بفنادق..
روح عنده وقله انا مرسل من الدكتور محمد، وهو معه عزبة حق العمال الي يشتغلوا عنده، كلهم من البلاد، اجلس عندهم لما تنتهي من الاختبارات..
قلت له كثر الله خيرك، لاعاد نتعب الشباب ولاشيء، هات التلفون بخلي واحد من الأصدقاء هناك محله جنب الفندق، يروح يحاسبهم وياخذ الشنطة ويجيبها لك بكرة والا بعده وانت ترسلها، وكنت عايش الدور بأقوى قوتي اني ساكن بفندق مرحبا ههههه..
اعطاني التلفون واتصلت بالاخ محمد عبدالباري وقلت له روح الفندق عند الشيخ.. وخذ شنطتي من عندهم وقلهم أي فلوس عليّ للفندق يدفعوها وانا بحاسبهم عليها، وجيب الشنطة للدكتور محمد عبدالرب بكرة عشان يوصلها لي لاني ماشي الصباح ابوظبي..
طبعاً الشيخ وصاحبه فهموا الرسالة انها تهكم، وانني اقصد ايجار الغرفة لشنطتي التي باتت عندهم ليلة واحدة، ضحكوا وأخذوها مزحة ثقيلة او كما يقال لعنة ونص، هذا ماقاله احدهم لي بعد فترة طويلة من ذلك الزمن..
رقدت نومة هانئة جدا بالتكييف عوضت ليلة امس في محطة الباصات بين الحمى، وقمنا فجر صلينا وأفطرنا وقال باسم الله نتحرك.. خرجنا وأوصلني إلى قريب المحطة وهو واقف بالإشارة قال لي هناك الباصات يالله اقفز بسرعة وكأن الإشارة فتحت، فمجرد مانزلت وهو مشى على طول..
جاءت اللحظة الحاسمة التي ينتظرها الجميع وهي صرف المية الدولار، ذهبت إلى المحطة وسألت بكم الراكب ابوظبي قالوا 33 درهم، كانت باصات حديثة بيج 24 راكب، سألتهم عن صراف كيف افك المية فلم نجد بالقرب منهم صرافين وكان الوقت لازال مبكرا، تقريبا الساعة السابعة، وعادة المحلات تبدأ من الساعة التاسعة وبعضهم العاشرة..
احد الهنود اخذني لبقالة هندية وقال انه بيصرف لي بمبلغ 350 درهم، وهي رسمياً 365 درهم، حسبت الـ15 الدرهم باليمني طلعت مبلغ كبير، فاصلته وتراجلت وصيحت وغورت وهو بارد جدا مارضي يطلع 5 درهم، امري لله صرفتها عنده وانا ادعي عليه ههه..
ركبت الباص وتوكلنا على الله على ابوظبي، وصلنا في حدود ساعتين تقريباً ونزلني في شارع المطار، وبيني وبين الاوقاف تقريباً 4 كيلو او يزيد.. رأيت الساعة لازال الوقت مبكراً ونحن لم نتفق على ساعة محددة فمشيتها مشي، وكنت أمشي وأسأل حتى وصلت تقريبا حدود الساعة 11..
دخلت الوزارة وجلست ربع ساعة تقريباً كي يجف ثوبي ثم دخلت مكتب الشيخ محمد سليمان فرج وكان مدير مكتبه شاب عماني رائع جداً اسمه ربيع وهو سكرتير اللجنة، وبعد أن اخبرته باسمي قال ان الشيخ مشغول معه ضيوف، وأردف لكنه اعطاني اسمك من الصباح وقد تم ضمك لكشف الاربعاء القادم.. تعال الاربعاء الساعة العاشرة للاختبار امام اللجنة، قلت له مايحتاج انتظره قال لا، ثم فتح الكشف وأراني اسمي فاطمأنيت..
خرجت من الوزارة أسأل على شارع النصر المكتوب في كرت الحاج علي عبده الحاج وهو تاجر سجاد، أصله من التربة بالحجرية لكنه متجنس اماراتي رحمه الله واسكنه فسيح جناته.. قيل لي انه امتداد لشارع حمدان الذي تقع فيه الوزارة، مشيت كثيراً حتى وصلتُ برج بينونه وكان آنذاك اكبر وأشهر برج في ابوظبي، وبحثت بجواره كما يقول الكرت فوجدت المحل لكنه مغلق، كان يغلق مابين الظهر والعصر..
ذهبتُ لمسجد الشيخ خليفة القريب منه وكان مغلقاً وكان بجواره حديقة صغيرة جلست اتضلل بها إلى ان فتح المسجد لصلاة العصر، فدخلت وصليت الظهر منفرداً والعصر جماعة وخرجت للحاج علي عبده الحاج صاحب ذلقيان بالتربة.. الحجرية.
وصلتُ وقد فتح الهنود المحل، كان أحدهم يدعى داس والاخر نسيته، وقالوا ان الحاج سيأتي بعد دقائق.. انتظرته اقل من ربع ساعة فقط، وبعد السلام قلت له انا فلان ارسلني الدكتور محمد عبدالرب النظاري، فرحب بي كثيراً وقال انتم مشائخنا واهلا وسهلا، وتحدثنا عن الدكتور النظاري وأحواله، وكان قد طلب لي قهوة وأخرج من مكتبه الذي كان في المعرض بجوار الباب تماماً تمر ناشف قليلاً بس طعمه عسل مصفى..
وبينما انا آكل التمر، طبعاً بدون غداء والساعة تقريباً الرابعة عصراً؛ باغتني بسؤال ايش جيت تعمل، قلت له ابحث عن عمل.. هنا كانت نقطة التحول الفاصلة، مط شفايفه وكأنه ندم على حفاوة الاستقبال والتمر الذي اكلته، وقال هذي البلاد ناشفة مافيها إلا حمى وعماير طوال، تكتسر رقبتك وانت تتفرج لهن، ولافيه مساعدات وحتى نحنا ماعد نقبلش احد.. منو زاد عليك..!!
نفسياً وضعته جنب حمود، وقلت في نفسي (ارصد غريم) وانتفضت كأن حية رقطاء لقصتني وقمت من مكاني وقلت مااقدر ارد عليك ياحاج فانت اكبر من ابي، لكن سامح الله الدكتور محمد الذي ودف بي لعندك وخرجت من المعرض مباشرة..
في هذه الاثناء كان ولده الكبير عبدالرحمن رعاه الله يوقف سيارته امام المعرض ورأى خروجي من المعرض منفعلاً وأكاد ابكي من شدة كلام الحاج الذي أحسست بأنه تعمد اهانتي، ونظر إلى والده فرآه واقف على المكتب ويصيح لي ويصيح للهنود الحقوه رجعوه..
نزل عبدالرحمن من سيارته مسرعاً باتجاهي وهو ينادي لي بصوت عالي وقف وقف تعال.. التفت فإذا هو قادم باتجاهي وبيده العقال، والهنود خرجوا من المعرض جري باتجاهي أيضاً فقلت في نفسي ليلة الجن حلقت والرقدة اليوم بالحبس هههه
طالت الحلقة، وصلت إلى اليوم الثالث في الامارات ولازال في جيبي 317 درهم.. إلى الملتقى بإذن الله.. كونوا بخير