منتصف 2011، وفيما الشباب في الساحات، والتظاهرات على اشدها، والانتهاكات وحوادث القتل على أشدها، استشعرتُ الخطر الذي كنت اخشاه، وأحذر منه..
في يونيو 2011 كتبتُ أول مقال ضد المشترك وليس ضد النظام الذي كان النصع تلك الايام، كان مستفزاً تلك الأيام، فالسهام كانت في ذلك الاتجاه وانا ذهبت في الاتجاه المعاكس تماماً..
حملتُ اللقاء المشترك مسئولية المآسي التي كانت تحصل آنذاك للشباب في الساحات، وقلت في المقال الذي سأضع رابطه في التعليقات ان المشترك هو السبب الرئيس في تأخر نجاح الثورة، وتخلفها عن مثيلاتها في تونس ومصر، وانه لو لاتصديه للتفاوض والحوار وتقديم نفسه على انه يمثل الساحات لما استطاع النظام أن يصمد كل هذا الوقت..!!
إلى هنا كان مابيني وبين المؤتمر او النظام آنذاك مقطوع تماماً منذ بدء التظاهرات منتصف فبراير، وتصنيفي مع المطالبين بالتغيير من خلال كتاباتي وتوجه صحيفتي، ضمن الفرز الذي حصل حينذاك، واستمر للأسف بفجور مدمر إلى اليوم، لكن المشترك؛ والمهيمن عليه تحديداً، من تصدر المشهد وحلّ محل الحزب الحاكم حينها؛ كان يظن اني أحد أذرعته وأدواته، واني سأستمر في دعمه ليقدم نفسه البديل الاوفر للنظام؛ كما كان يفعل شبابه وقواعده الجماهيرية، لكني صدمتهم بآرائي تلك..
قال لي الاستاذ حسن زيد رحمه الله آنذاك ان حديثي في ذات المقال عن حكومة ائتلاف بين المشترك والمؤتمر مستحيلة جداً، وقال بالحرف الواحد سيأكلونا الشباب.. ايش من تقاسم وايش من نظام.. لابد ان تأخذ الامور مجراها الطبيعي، لكن الذي حدث هو ماكتبته حينها لاماقاله رحمه الله..
عملوا آنذاك لاسيما الاخوان في الاصلاح رعاهم الله على إغلاق كل الوسائل التي يسيطرون عليها او يسيرونها في وجهي، سواءً القنوات الفضائية او المواقع الإلكترونية وغيرها، ولو كان بيدهم قطع الرزق واغلاق الأوكسجين لفعلوا آنذاك، ليس لخطورتي او تأثيري وإنما لصدمتهم التي لم يتوقعوها، وكانوا يظنون اني احد جنودهم وأدواتهم الخفيفة، بل وربما درس وتربية قاسية لأعود طالباً الصفح والمغفرة..
سارت الأمور طبيعية وبدأوا يقيمون فعالياتهم الخاصة ولايدعوني اليها في القاهرة، وانا اتجهت لإقامة فعاليات وندوات خاصة بإيلاف، واستغليت عدم التوافق الكبير بينهم وبين حسين الأحمر فأقنعته بتحمل تكاليف بعض تلك الندوات، وكانت تكاليف بسيطة لاتتعدى 800 دولار لكني كنت أحرص على الا أصرف من مالي إلا الضروريات جداً لي وللأسرة، إذ يعلم الله كم سنستمر..
تعرفت على شركة U. N. I وهي شركة انتاج مصرية لبنانية مشتركة تعمل في مجال تقديم خدمات البث المباشر والتقارير الاخبارية للقنوات الفضائية من خلال مشاركتي في تلك القنوات من مكتبها، كقناة العالم وروسيا اليوم وغيرها، ثم سجلتُ عندهم برنامجي بضايا يمنية لقناة المجد وكنت اسلمه لهم جاهز للبث..
تعرفت على مدير الحسابات حينها سيد عمارة رعاه الله الذي كان يتعامل معي برقي لم اعهده، ومساعده حسن البغدادي الذي كان سلفياً ثم حلق اللحية ولبس الجينز وأصبح محاسباً في غاية الادب وسمو الأخلاق..
اسروني بلطفهم وغمروني بصنيع ماقدموه لي، وكنت بعد ان انتهي من البرنامج أجلس معهم حتى قويت علاقتنا اكثر حد الصداقة..
بعد المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، والاتفاق على الانتخابات الرئاسية طرحتُ عليهم فكرة إرسال فريق فني مع معداته الكاملة للبث الفضائي لتغطية الانتخابات، قالوا نتمنى ذلك بس الوضع هناك غير مستقر والمعدات غالية جدا، وحياة الموظفين أيضاً مهمة.. قلت لهم انا اتكفل بحماية موظفيكم مع المعدات إلى ان يعودوا سالمين.. اخواني هناك سيستقبلوهم في المطار وسيتكفلون بحمايتهم وتأمين كافة تحركاتهم..
اقترح الاستاذ سيد ان نتحدث بالموضوع مع المدير العام، وهو شقيقه الأكبر، الاستاذ هاني عمارة شفاه الله وعافاه..
دخلنا مكتب المدير العام وكان الشريك اللبناني أيضا موجود العزيز نادر الاعور، الذي كان متحمس جدا للموضوع وقال كيف نقدر ندخل الفريق ومعداته ولم يبق معنا إلا اقل من اسبوع على الانتخابات.. تذكرتُ لحظتها ان وزير الاعلام الجديد هو الصديق العزيز علي احمد العمراني رعاه الله، الذي جاء لزيارتي قبل اعلان الحكومة مباشرة وكان لايعرف انه احد اعضائها، اخذت تلفون الاستاذ هاني واتصلت بالاخ الوزير وأخبرته بالأمر فقال أهلاً وسهلاً واتفقنا على كافة الاجراءات والتسهيلات التي ستقدمها الوزارة للشركة كغيرها من الفضائيات والشركات الإعلامية..
تم سفر الفريق بمعداته، واستقبلهم اخي رياض وعزيز وبعض الأصدقاء واوصلوهم إلى فندق موفمبيك وسكنوهم، ورافقوهم في كافة تحركاتهم..
بالمناسبة،أخبرني أحد الموظفين المصريين في الشركة انهم عرفوا اني مش مسكين زيما يتهيأ لهم، وزيما انا عايز اظهر امامهم، وان اصدقائهم في صنعاء أخبروهم بالحقيقة ان لديّ الكثير من المحلات منتشرة في كل صنعاء، وأنني مسيطر جداً هناك..
ضحكتُ ولم أعلم مايقصد بالضبط إلا بعد اسبوع تقريباً حينما أخبرني اخي ان المهندسين المصريين يظنون ان كل المحلات الي مكتوب عليها (الخامري) في صنعاء هي حقي، ويقولون الخامري عامل نفسه غلبان في القاهرة
توطدت علاقتي بالاخوة في الشركة وعرضتُ عليهم بقاء المعدات في صنعاء وانا ادير الفرع هناك، لكنهم وبتجربتهم في الحياة، وربما بدعوات الوالدة ورضاها عني رحمها الله، رفضوا العرض وقدموا عرض آخر وهو ان ادخل معهم شريك بخمسين بالمئة من رأس المال وأحصل على 25 بالمئة من الأرباح، تعدلت فيما بعد، بمبرر أن السوق سوقهم والزبائن زبائنهم جاهزين، وانا سأدفع 50 بالمئة فقط من قيمة المعدات التي زادت قيمتها آنذاك عن 180 الف دولار تقريباً، وانا لااملك الا 10 الف دولار وربما أقل..!!
طلبتُ منهم فرصة للغد كي أرى أموري وأحوالي، وتوجهت إلى الله العلي القدير كما كنت أفعل في ابوظبي، وأطلبه ان يكتبها لي ويدبرها وهو على كل شيء قدير، ثم اجريت عددا من الاتصالات ببعض الأصدقاء والحمدلله وجدت نوع من التجاوب..
اليوم التالي زرت الشركة واتفقنا على انه لايوجد لديّ في مصر الا مبلغ بسيط والباقي سأحوله من صنعاء، اتفقنا ووقعنا العقود وشاء الله ان تكون بداية الانطلاقة لعمل أكبر، بدأ بشراكة مكتب صنعاء فقط، وتوسع إلى شراكات أخرى في مصر ولله الحمد والشكر..
بعد عودتي من القاهرة منتصف العام 2012 دخلتُ للسلام على الرئيس عبدربه منصور هادي في منزله بالستين، وبعد السلام والكلام قال مباشرةً كنت اقترحت تعيينك في منصب كذا لكن الآنسي اعترض (يقصد عبدالوهاب الآنسي) وقال (يقصد الآنسي) إذا كان ولابد فيكون من حصة المؤتمر وعبدالله أحمد غانم قال انك مش مؤتمري..!!
قلت له انا مش إصلاحي ولامؤتمري، والوظيفة العامة ليست محصورة عليهم فقط، فرد عليّ وهو يضحك انت ذكي وانا بادبرها وبيتصلوا لك من التحويلة..
بعدها بفترة وجدت الأستاذ عبدالوهاب الآنسي والدكتور ياسين سعيد نعمان، كنا معزومين عشاء عند أحد الإخوة في احد مطاعم القاهرة؛ وسألت الآنسي عن اعتراضه عليّ فقال لم يحصل ولايحق لي أن اعترض!!..
حينها ضحك الدكتور ياسين ورمقني بنظرة لن أنساها وكأنه يقول لي: هادي كذب عليك..!!
عندما عدت إلى اليمن اتصلت بالزميل محبوب علي مستشار هادي للشؤون الإعلامية وقلت له قل للرئيس أن اليمن ليست كلها إصلاح ومؤتمر فقال اكتب رسالة وانا أعطيها له..
وفعلا كتبت رسالة وارسلتها مع صديقي، ابن شقيق هادي، الذي سلمها بدوره للأخ محبوب الذي عرضها على الرئيس..
هادي وجّه مدير مكتبه الزميل نصر طه مصطفى بإصدار قرار تعيين بالتشاور معي، وفعلاً اتصل بي الأخ نصر وطلبني لمكتبه وتحدثنا عن القرار واتفقنا على أن يكون في إحدى السفارات اليمنية بالخارج، بل وتم وضع اسماء عدة دول كخيارات..
تم مماطلة الأمر وعدم إصدار القرار إلى أن تم نقل الأخ نصر إلى وزارة الإعلام، وبعدها تطورت الأزمة وعصفت بالجميع، وهكذا هو هادي مع الجميع، كان يحاول ان يكون ذكياً..
نعود إلى المكتب الذي كنا نعمل فيه لكل القنوات الإخبارية ومن كل الاتجاهات، الجزيرة والعربية والبي بي سي والعالم والمسيرة والساحات والميادين وبلقيس والالمانية وروسيا اليوم وفرنسا 24 وغيرهم من القنوات العربية والاجنبية؛ إلى ان وصل الحوثيون..
اتصل بي شخص عرفني بنفسه بأنه ابو محفوظ من وزارة الإعلام وهو يتكلم بصوت عالي، وبلغة الأمر قال: اكتب عندك، قلت له دلا دلا، مالك صلي عالنبي، رفع صوته أكثر وجاب كلمتين سيئتين وقال هذا امن قومي مش هو لعب جهال، قسما بالله لو تطلع لهذي القنوات لااجي اسحب ابوك زي ال...
أغلقتُ التلفون وانا اشعر بدوار في راسي، هؤلاء همج ولايمكن ان اتعايش معهم.. اعطيت توجيهات للمهندس عزيز بإدارة المكتب بهدوء وعدم المواجهة، وتنفيذ توجيهاتهم بدون نقاش.. اذا كانت الدولة هربت وتركت لهم الجمل بما حمل فماذا نستطيع ان نعمل نحن.. واعتكفتُ في بيتي، لااخرج منه إلا لصلاة الجمعة فقط..
حتى الجمعة لم استطع مواصلة ادائها في المسجد بعد ان تسلط عليّ أحد شبابهم المجاهدين (المجاهد حقهم مميز بسلسلة حديدية فيها رقم بيده) وكان يأتي إليّ وانا بالصف الأول اقرأ القران ومعه الآلي الكلاشينكوف ويقول معي توجيهات انك تطلع تخطب الجمعة انت اليوم، احاول اضحك او اعتذر او أتهرب وهو زارر وجهه الذي يرد الرصاص.. بين اقلك توجيهات، تفهم.. اقله تمام..
وبعد الصلاة توجيهات اني اجلس معهم خارج الجامع في وقفة احتجاجية ضد العدوان، وتنتهي بالصرخة..!!
أحسست ان الامر مبرمج وربما يريدون ردة فعل مني كمبرر لاستهدافي، قررت الصلاة في البيت، ولم أخرج منه لعدة أشهر لا للجمعة ولا الجماعة، ثم غادرت صنعاء انا وأولادي للبلاد ومكثت هناك فترة إلى ان رتبتُ أموري للخروج من اليمن..
كان المتصل والمسئول فيما بعد عن كل ماجرى لوسائل الإعلام هو احمد حامد، الذي كان يتبلطج على وسائل الإعلام قبل ان يعين وزيرا للاعلام ثم مديراً لمكتب الرئاسة بصنعاء؛ تحت كنية ابو محفوظ..
استمر ابو محفوظ وزبانيته في الاتصالات المستمرة كلما رأوا ضيفاً لايعجبهم في قناة من القنوات يتصلون لإيقاف العمل معها حتى لم يعد المكتب يعمل بما نسدد به الايجارات وندفع مصاريف ومرتبات الموظفين التي كنت احولها من القاهرة..
استمر اخي عزيز في مواصلة العمل وفق المتاح الممكن إلى ابريل 2017،وكان يحاول بين الحين والآخر ان يسرق بعض العمل لقنوات غير معروفة ظناً منه انهم لن يروها، لكنه وقع في ايديهم حينما اشتغل لقناة بلقيس وهي من المحظورات فضبطوه متلبساً وأرسلوا له ثلاثة اطقم مشعفلين نهبوا كل ماصادفوه في المكتب امامهم وهددوا عزيز وبعض الموظفين الذين كانوا بالمكتب وانصرفوا، وبعدها بفترة ليست بالقصيرة اقتحموا منزله ونهبوا بقية الادوات التي لم يتمكنوا من نهبها من المكتب، وإلى اليوم لا أعرف أين محطتي الفضائية التي نهبوها من منزل اخي عزيز بعد سفره للقاهرة..!!
أخبرني بعضهم انها هي نفسها التي انطلقت بها قناة الهوية، وقال آخر انها في قناة اللحظة ولااعلم يقينا اين هي، وعند الله تجتمع الخصوم..
غدا نلتقي على خير بإذن الله