حلقة اليوم عبارة عن منشورات سابقة كنت قد نشرتها بعنوان اتفاق الانتخابات بيني وبين الرئيس صالح رحمه الله، واتفاق العدس، ووفقاً للترتيب الزمني للذكريات فقد جاء وقتها، لذلك اعيد نشرها هنا لتتسق مع حلقات حديث الذكريات لمن يتابعها..
وللعلم فهناك في حياة كل انسان منا شيء مسكوت عنه، لايستطيع البوح به او الكتابة حوله لعدة أسباب، قد تكون سياسية او انسانية او أسرية او أخلاقية، وغالباً المسكوت عنه غير مفيد للغير، ولايعطي أي دروس في الحياة. لان الدروس لاتؤخذ إلا من المواقف العامة التي يفخر الانسان بذكرها مهما كانت سيئة او كئيبة وسوداوية..
عام 2006 وقبل بدء موسم الزخم الانتخابي والدعايات والفعاليات والاستقطابات التي تجري قبل كل انتخابات رئاسية او برلمانية، كتبتُ عدة اخبار لموقع إيلاف الإلكتروني حول الخلافات التي تكاد تعصف باللقاء المشترك واستبعاد إقرار مرشح للانتخابات الرئاسية من بين قياداته، لاسيما وهناك اصوات عالية كانت ترشح الذكتور ياسين سعيد نعمان، لكن الصوت الأعلى رفض ذلك رفضاً قاطعا، وحينها سرب لي المرحوم بإذن الله تعالى حسن زيد ان الاسم التوافقي المطروح هو فيصل بن شملان رحمه الله، وكنتُ اول من أعلن ذلك قبل اعلانه رسمياً..
صالح ورجاله وحاشيته كانوا يرصدون توجهات القيادات والوجاهات والمشائخ والاعلاميين، وبعد الاعلان رسمياً عن المرشحين اتصل بي العميد طارق محمد عبدالله صالح وكانت اول مرة اتكلم معاه ودعاني لمقابلة الاخ الرئيس وهي أيضاً اول مقابلة خاصة، لأن لقاءاتي السابقة كانت كلها في استقبالات رسمية ومناسبات عامة..
ذهبت للرئيس والتقيت به لأكثر من ساعة، تحدثنا حول الانتخابات وموقفي من المرشحين فأخبرته اني معه لا لأني مؤتمري بل لأني أرى ان المرحلة تلك الايام لاتزال بحاجته، وهي نفس وجهة نظر الاخوان في الاصلاح عام 99 عندما أعلنوه مرشحهم قبل حزبه المؤتمر، فقال يعني انت معي وبتكون معي في الجولة الانتخابية للمحافظات، قلت له انا معك إلى سبتمبر فقط، وهنا تدخل طارق وقال وبعد الانتخابات خلاص بترجع ضدنا..!!
ضحكتُ وضحك الرئيس وضحك الجميع، وتم الاتفاق على هذا، وفعلاً رافقته إلى كل المحافظات اليمنية، وآخر لقاء صحفي خاص بالانتخابات الرئاسية كان مع نائب السفير الامريكي نبيل خوري الذي أشاد بها كثيراً، وبعدها فتحتُ ملف الفساد في الانتخابات الرئاسية باليمن..
بعد فتح هذا الملف انتهز احد موظفي مراسم رئاسة الجمهورية اول مناسبة عامة وقام باحتجاز دعوتي لحضور إفطار رمضاني أقامه الرئيس بداية رمضان ذلك العام، واستغربتُ كيف انها لم تصل، وحرصتُ على التسمر امام شاشة التلفزيون لأرى هل هناك اعلاميين حضروا أم لا، وفجأة وقبل الأذان بربع ساعة تقريباً يتصل بي الفندم طارق ويسأل أين انا فقلت له في البيت، لم تصلني دعوة..
استغرب وطلب مني الحضور فاعتذرت إلا انه أصر وقال سيرسل لي سيارة من الرئاسة، قلت له بيتي قريب سآتي بسيارتي، وطلبت انه يسمحوا لي اوقفها جنب بوابة القصر وادخل، قال تعال من جنب مدرسة عبدالناصر وبتحصل طقم مراعي لك وبيمشي امامك إلى داخل القصر، وسألني عن سيارتي ولونها كي يعطيها للحرس..
طبعا معروف ان كل الوزراء والمدعوين في مناسبات الرئاسة كنا نحضر إلى كلية الشرطة أولاً، ومن هناك يتم التفتيش الدقيق ومنع الموبايلات، ونطلع باصات خاصة إلى القصر او الرئاسة، وكانت كل الشوارع المحيطة بالقصر تغلق منذ وقت مبكر خصوصاً شارع القصر..
#موقف طريف جداً حصل معي وهو ان بيتي كان بجوار فندق هلتاون، يعني قريب، وكنت لم أخلع البدلة بعد، لاني راجع من المكتب فشغلت السيارة ومشيت..
وصلتُ إلى جوار مدرسة عبدالناصر في شارع علي عبدالمغني وضباط الامن والمخابرات المدنيين والعسكريين يؤشرون لي بأن استمر في المشي لأني كنت مولع الإشارة اني اريد ان ادخل شارع القصر، وسيارتي فيتارا قديمة وكانت متسخة أيضاً، وعندما اقتربت اكثر اخذ الجنود وضعياتهم لمهاجمتي تحسباً لأي طارئ فاستوقفني احدهم وخبط السيارة بقوة وهو يصيح تحرك للأمام، قلت له انا معزوم بادخل القصر، ورغم انه كان شاحط الوجه إلا انه ضحك عندما قلت له معزوم، وقال خيرة الله عليك سيرلك من هانا لايعزموك من صدق..
وبينما كان الضباط والمدنيين في طريقهم إليّ جاء الفرج.. جاء طقم من اتجاه القصر مسرع وقد عرف السيارة، وكان يصيح بالمكرفون الاستاذ محمد الخامري خلوه يدخل، بسرعة لاتعطلوه، مادريت الا وهذاك العسكري يضرب لي تحية ويعتذر بارتباك ويوجه الجنود بسحب الحديد وفتح الطريق..
دخلتُ القصر بسيارتي، وعند خروجنا ذُهل العديد ممن رأى سيارتي وأنا أخرج بها من القصر، حتى بعض الوزراء، واتصل بي احد الزملاء الأعزاء ليسألني كيف دخلت بسيارتك فقلت له القصة، قلي هل قلت لأحد هذا الكلام قلت لا، قلي خلاص ولاتقول لاحد، انت مش مجبر لتقول هذي القصة كلها للناس، خليك مجهوب ولامجروب، وبالفعل التزمت الصمت ولم اقل هذه القصة نهائياً رغم ان هناك العديد من القصص التي تم تأليفها عن الحادثة
بعد انتخابات 2006 كتبتُ سلسلة بعنوان: إيلاف تفتح الملف الاسود للانتخابات اليمنية، وعملت تقريباً ثلاث حلقات، اعتمدت فيها جميعا على ماكنت اسمعه بنفسي أثناء مرافقتي للرئيس صالح رحمه الله في جميع المحافظات ثم رافقته ضمن وفد إعلامي إلى لندن، حيث كنت اسمع عن تحويلات مالية كان يهبها الرئيس للوجهاء والمشائخ والحملات الانتخابية بالمحافظات..
اتصل بي رحمه الله وهو يضحك، وقال الحلقة الأولى والثانية.. هذا قدو مسلسل مكسيكي، جي بكرة نصطبح سوا في الرئاسة..
ذهبت إليه واستقبلني بضحكة عالية وفطرنا عدس أعتقد انه من حق العسكر، قلت له لو كنت اعرف انه عدس كنت اصطبحت في البيت وجيت، قال احمدالله، نعمة الله ماله العدس..
وبعد الفطور اخذني على جنب في ظل وقال اسمعني تمام، انا احترم كل الاعلاميين وارحب بأي نقد بناء، بس هناك قانون يحكمني ويحكمكم..
قلت له انا سمعت هذا وشفت الشيخ فلان استلم كذا مليون وسيارة رغم انه ماطلبها، قال ممتاز، انا الان اكلف محامي يرفع عليك دعوى في محكمة الصحافة وعيسألك القاضي هل معك وثيقة او شهود على ذلك.. اجبته بتلقائية باطلبك انت للشهادة وانت اكيد مابتكذب، وهنا ضحك ضحكة من قلبه ثم قال اسمع ياولدي نعمل اتفاق انا وانت زيما عملنا اتفاق الانتخابات (سأكتب عنه منشور مستقل).
قلت كيف..
قال اي وثيقة تحصل عليها انشرها واكتب حولها الي تشتي، وأي خبر تنشره انا بوكل المحامي يرفع عليك دعوى وانت سد انت ونفسك والقضاء.. مارأيك.؟
احسستُ انه درس وقرصة أذن وتهديد بطريقة غير مباشرة، فقلت له والي قد نشر قال ماقبل العدس ننساه.. وأصبح العدس كالشيفرة بيننا منذ ذلك اليوم، إلى 2011 حيث وقفتُ مع التغيير وكانت لي كلمة على منصة الجامعة ذكرتُ فيها اشياء كثيرة مما وصلنا له اليوم أهمها انني شددت على عدم اتاحة الفرصة للقوى السياسية لسرقة جهد الشباب كي لانقول فيما بعد رحم الله النظام السابق (وهاقد وصلنا لها اليوم)..
#بالمناسبة صادفت كلمتي اول نقل مباشر لقناتي سهيل والجزيرة من ساحة الحرية ولم استطع ان احصل عليها رغم بحثي عنها كثيراً بالنت، ارجو ممن يستطيع مساعدتي ألا يبخل..