العقلية الشرقية تنقاد للعبودية بسهولة ويسر، وتاريخ الإمامة الزّيدِيّة تجسيد لهذه الحقيقة لا أكثر، ولم تكن اليمن سوى مَحطة أخيرة للفاشلين من أدعيائها؛ لما وفرته من بيئة خصبة لذلك الانقياد، وهذا الطامح يحيى بن الحسين الرسي حينما فشل بتأسيس دولته في طبرستان، توجه إلى اليمن، وكذلك فعل القاسم العياني حينما فشل في إقامة دولته في بلاد خثعم، وأبو الفتح الديلمي حينما فشل في تأسيس دولته في بلاد الديلم.
اختلف المُؤرخون حول نسب الديلمي هذا، ومنهم من قال أنَّه ابن الحسن بن محمد بن عيسي، ومنهم من قال أنَّه ابن الحسين بن محمد، واختلفوا أيضًا - أي المُؤرخين - حول تاريخ مقدمه إلى اليمن، وتاريخ ومكان مقتله.
وبين هذا الداعي وذاك، ثمة أدعياء كُثر توافدوا إلى هذا البلد المضياف، كالقاسم الزيدي، وأبو هاشم الحسني (جد الحَمْزِات)، والمُعيد لدين الله الناعطي، وهذا الأخير لم أجد له اسمًا، ومن يدري، ربما يكون بعض هؤلاء الطامحين أو جلهم قد ادعوا نسبهم العلوي طمعًا في الحكم والإمامة.
يَفخر هؤلاء الوافدين ومن أتى بعدهم بانتسابهم لفاطمة بنت رسول الله محمد (ص)، ويزخر موروثهم بالكثير من النصوص والأشعار التي تؤكد ذلك، وسواء كانوا صادقين أم كاذبين، فمن الذي أعطاهم الحق بأنْ يكونوا أوصياء على الإسلام والمسلمين، وأنْ يتسيدوا على عباد الله، ويخالفوا دينه الحنيف؟ ذلك الدين الذي نصره العبيد، وخذله السادة، وقام أول ما قام على المُساواة والعدالة، وعلى إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وأنْ لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.
عبدالله بن حمزة قال ياقوت الحموي في (مُعجم البلدان) عن الإمام الطاغية عبدالله بن حمزة: «وهو عبدالله بن حمزة بن سليمان، زعم أنَّه من ولد أحمد بن الحسين بن القاسم.. ورواة الأنساب يقولون أنَّ أحمد بن الحسين لم يعقب»!
سعى هذا الإمام الطاغية للتنكيل بجماعة المُطرَّفية؛ لأنَّهم خالفوا السائد من عقائد الاعتزال، وعقائد الزّيدِيّة، وتخلوا عن شرط البطنين، والتفضيل بمجرد النسب، وسعوا لتجريد المذهب الزيدي من طبيعته السُلالية، وكانوا حسب توصيف علي محمد زيد بعيدين عن أية شائبة عُنصرية مُبتذلة.
وفي ذروة ذلك الصراع الدموي، هجا أحدهم ويدعى الحسن بن محمد النساخ ذلك الطاغية بأرجوزة طويلة، شكك فيها بنسبه، وصلنا منها: فما اقتـنى أحمــد منــها درهما ولا اجتبى إلا الذي منها حمى فيــما روتـه إن حفـظت العلما ويـح الطغــاة إن دعــوك قيما في نســبٍ مُستــرق مـذبــذب ملفَّـــق مــروق مـضـطــرب يقول أصلي من علي والنبـي ما صححت هذا رواة النسبي
يحيى السراجي يحيى بن محمد السراجي، واحدٌ من طامحين كُثر جاءوا إلى شمال اليمن طمعًا في الحكم والزعامة، قدم مع والده من العراق في النصف الأول من القرن السابع الهجري، كان مُقدمًا عند أهالي صنعاء، وأعلن - تبعًا لذلك - من منطقة حضور بالقرب من جبل النبي شعيب نفسه إمامًا 659هـ / 1261م، وتلقب بـ (الناصر).
تصدر السراجي عام قيامه مُحاربة الرسوليين، هزموه؛ فهرب إلى بني فاهم في الحيمة، أمسك به سكانها، ثم سلموه لأمير صنعاء الرسولي سنجر الشعبي، فكحل الأخير عينيه بنار حتى أعماه؛ مُسقطًا بذلك أحد شروط الإمامة عليه.
اختلف النسابة والمُؤرخون حول نسب هذا الإمام، وبالتحديد حول اسمي جديه السادس والسابع، وحول لقب (السراجي)، وبمن التصق من أجداده، وهو كما أشارت أغلب المصادر الإمامية المُتداولة: يحيى بن محمد بن أحمد بن محمد بن عَبْدالله بن الحسن بن محمد بن عَبْدالله بن الحسن، وقيل - كما أفاد المُؤرخ ابن فند في كتابه (مآثر الأبرار) - الحسين بن علي بن محمد بن جعفر بن عبدالرحمن الشجري بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وهناك أسر في اليمن يلتقي وإياها عند جده الرابع، وقد دخلوا جميعًا في دائرة الالتباس.
في معرض حديثه عن نسب محمد بن جعفر بن عبدالرحمن الشجري، قال الفخر الرازي في كتابه (الشجرة المُباركة في الأنساب الطالبية): «فعقبه من أربعة رجال: أحمد أبو القاسم يلقب "كركورة"، وعبدالله، والحسين، والحسن. ويقال: إن له ابنًا خامسًا اسمه "علي"، وله عقب»، ثم عاد فاستدرك: «وأما علي بفرغانة ابن محمد بن جعفر بن عبد الرحمن الشجري، فقد رأيت في بعض تصانيف أبي الغنائم عقبه، وفيهم كثرة. وعقبه من رجل واحد "الحسين"، وللحسين هذا ابن واحد اسمه "الحسن"، ومنه العقب ببغداد».
توافق النسابة الرازي - توفي سنة 606هـ - في الجزئية الأخيرة مع ما ذكره ضامن بن شدقم الحسيني، والأخير نسابه مشهور عاش قبله بقرنين، وله كتاب اسمه (تحفة الأزهار وزلال الأنهار في نسب الأئمة الأطهار) جاء فيه: «فعلي خلف الحسين، ويعرف ثمة بالسراجي.. فالحسين خلف الحسن، ثم الحسن خلف محمدًا، ثم محمد خلف جعفرًا المظلوم».
وبمُقارنة فاحصة بين ما هو مُتداول، وبين ما ذكره النسابون المذكورون، نجد أنَّ ثمة خطأً واضحًا في اسمي جدي الإمام يحيى السراجي السادس والسابع (عبدالله، والحسن)، وإذا كان الأخير فيه قولان، فإنَّ الأول فيه نظر، قلت في خاطري: ربما التبس على مُؤرخي الإمامة الأمر، وأسقطوا سهوًا أحد الأسماء، وأنَّ اسمي (الحسن، والحسين) والد وولده، لا شخص واحد، وبالفعل عدلت النسبة على ذلك، ثم قارنتها بنسب أئمة آخرين عاصروا ذات الإمام، ومن نفس جيله، فتكشف لي خلل آخر، تمثل بوجود زيادة في اسمين!
وفيما يخص اللقب (السراجي) ففيه قولان، القول الأول: أورد ضامن بن شدقم - وهو نسابة مُتقدم كما سبق أنْ ذكرنا - ذلك اللقب لصيقًا باسم الحسين بن علي بن محمد بن جعفر، ولم يذكر سببًا لذلك، والقول الآخر: أجمع غالبية مُؤرخي الإمامة الزيدية على أنَّ (السراجي) لقب التصق بجد الناصر يحيى الرابع (الحسن)، وأنَّ الأخير سمي بـ (سراج الدين) لأنَّ أمه حال حملها به رأت نورًا يخرج من جوفها، وقيل أيضاً أنَّه - أي الجد - سمي بذلك لصباحة وجهه.
توفي الإمام يحيى السراجي في صفر من العام 696هـ / يناير 297م، وقد تولى الإمامة فيما بعد من أسرته حفيده المنصور محمد بن علي السراجي (900هـ / 1495م - 910هـ / 1505م)، والهادي أحمد بن علي السراجي (جمادي الأولى 1247هـ / نوفمبر 1831م - صفر 1248هـ / يوليو 1832م).
يحيى بن حمزة المُؤيد يحيى بن حمزة بن علي ثالث إمام في اليمن يُنسب للحسين بن علي، تولى الإمامة الزّيدِيّة 2 رجب 729هـ / 1 مايو 1329م، وقدِم جده وأبوه من العراق مع الإمام يحيى بن محمد السراجي، وهذا الأخير جده لأمه.
هو - كما أفاد المُؤرخ ابن فند - يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم بن يوسف بن علي بن إبراهيم بن محمد بن إدريس بن جعفر بن علي التقي بن محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبى طالب.
بالعودة لأكثر المراجع الناثرة لترجمته، وجدت أنَّ سلسلة نسبه تختلف من كتابٍ إلى آخر، وتمثل إجماع غالبية المُؤرخين على إيصاله بمحمد بن إدريس بن علي، باستثناء المُؤرخ العصامي صاحب (سمط النجوم العوالي) الذي أوصله بأحمد بن إدريس، وهو الاسم - أقصد محمد، كونه الأكثر شيوعًا - الذي شكك عدد من النسابة والمُؤرخين في وجوده أصلًا، وقالوا بصريح العبارة أنَّ إدريس لم يُنجب إلا ولدين: الأول اسمه (القاسم)، والآخر اسمه (عبدالله)!
جاء في كتاب (الشجرة المُباركة في الأنساب الطالبية) للفخر الرازي: «أما إدريس أبو القاسم - يقصد إدريس بن علي - فهو أكثرهم عقبًا، وله ابنان مُعقبان: القاسم أبو محمد فارس العرب، وعبدالله أبو جعفر له عقب قليل بمصر».
توفي يحيى بن حمزة في 29 رمضان 749هـ / 20 ديسمبر 1348م، عن 82 عامًا، ودفن في حصن هران بذمار، وكانت أسرته قد استقرت في حوث، المنطقة التي فيها ولد، وإليه ينتسب المهدي محمد بن قاسم الحوثي، والأخير تولى الإمامة سنة 1293هـ / 1876م، ولم يسانده في إمامته أحد؛ لأنَّ الأنظار كانت مُتجهة حينها صوب قريبه الهادي شرف الدين محمد بن عبدالله بن عبدالرحمن، الشهير بـ (عشيش)، ولم يُسجل المُؤرخون وجود إمام رابع من ذات الأسرة.
القاسم بن محمد القاسم بن محمد مُؤسس الدولة القاسمية، وهي الدولة التي امتدت حتى قيام الثورة السبتمبرية المُباركة، مُمثلة بأحفاده (بيت حميد الدين)، رغم أنَّ هذا الإمام كما قال غالبية مُؤرخي الإمامة من نسل يحيى بن الحسين الرسي، إلا أنَّ هناك من شكك بنسبه، وبالأخص من يدعي أنَّهم أبناء عمومته (من آل شرف الدين في كوكبان، وآل المُؤيدي في صعدة)، وقفوا في الغالب ضده؛ والسبب عدم اعترافهم بقرابته!
رجح بعض النسابة بأنَّ أصول القاسم هذا غير عربية، مُستدلين بملامحه البعيدة الشبه عن بني عمومته، وذكر أحدهم أنَّ جده قدم إلى بني مديخة، وتزوج من أسرة يمنية من منطقة الشرف، وأنَّه استغل جهلهم وتشيعهم، وادعى نسبه ذاك!
سعى القاسم بن محمد بكل الوسائل لإثبات صحة نسبه، وألف كتابًا رد فيه على من شككوا في ذلك، أسماه: (بغية المريد في من ولده السيد علي بن محمد بن علي بن الرشيد)، وفيه قال: «فإنه لما طرق سمعي من أبناء السادة الأعلام، أهل الوقت يسأل عن نسب بعض أهله من عصبته، ونسبه بصيغة الاستنكار، علمت يقينًا أنَّه قد جهل النسب من نفسه وأهله، فضلًا عن غيره».
سلمان منا! جاء في الأثر نقلًا عن كثير بن عبد الله المزني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مُوقعة الخندق عن الصحابي الجليل سلمان الفارسي: «سلمان منا أهل البيت»، وكثير هذا - راوي الحديث - ضعفه الجمهور، وقال عنه الذهبي: «سنده ضعيف»، وقال عنه أبو زرعة: «واهي الحديث ليس بقوي»، وقال الهيثمي: «كثير ضعيف».
ومن مرويات كثير غير المُستساغة قوله أنَّ رسول الله (ص) خاطب بني عمومته قائلًا: «يا مَعشَرَ قريش، إنَّكم الولاة من بَعدِي لِهَذَا الأَمر، فَلا تَمُوتُنَّ إلا وأَنتم مُسلمون»!
وفي ذات الصدد أفاد المُؤرخ ابن هشام أنَّ الأبناء (الفرس) في اليمن أسلموا بمُجرد أنْ وصلهم كتاب رسول الله، وأنَّه - صلى الله عليه وسلم - جعل كبيرهم باذان على صنعاء وضواحيها، وخاطب رُسله قائلًا: «أنتم منا وإلينا أهل البيت»، وهذه الرواية - قطعًا - غير صحيحة، ونفاها عدد من المُؤرخين اليمنيين، والراجح أنَّ الفُرس ظلوا على مَجوسيتهم، وحكم عليهم معاذ بن جبل - رسول رسول الله إلى اليمن - بدفع الجزية، ولم يسلموا إلا في وقتٍ مُتأخر صفر 11هـ / مايو 632م، بدليل قول المُؤرخ الرازي: «لما قُتل الأسود العنسي أسلم الأبناء، وكتبوا بإسلامهم إلى رسول الله».
ومن هذا المُنطلق عمل بعضٌ من كبار الأسر العلوية في اليمن وفي بلاد فارس على وجه الخصوص على إلحاق المُبالغين في حبهم بالنسب العلوي الهاشمي؛ على اعتبار أنَّهم قد صاروا منهم (أهل البيت)! وكتبوا صكوكًا بذلك، وذيلوها بتوقيعاتهم، وتوقيعات شهود الزور؛ وغرضهم من ذلك - خاصة ذوي المطامع السياسية الواضحة - تكثيف أعدادهم، وخلق عصبية سُلالية مُتسيدة ينعشوها وقت الحاجة، والأمثلة على ذلك كثيرة ومُتعددة.
خاتم النبيين ولأنَّ التلفيق سمة دائمة عند هؤلاء الأدعياء؛ فقد أوردوا في كتبهم على لسان رسول الله حديثًا هذا نصه: «من سمع داعينا أهل البيت فلم يجبه، أكبه الله على وجهه في النار»!؛ إرهابًا لكل من يعترض على حكمهم، أو يفكر بالخروج عليهم.
والأسوأ من ذلك أنَّهم نسبوا أنفسهم للرسول عليه الصلاة والسلام، رغم أنَّ الرسول لم يعقب، ولفقوا على لسانه هذا القول: «كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم، إلا ابنيْ فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما»، في مُخالفة صريحة لقول الله تعالى: «أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله»، وقوله تعالى: «ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليمًا».
يا بني هاشم لـمـَّــا نزلت آية: «وأنذر عشيرتك الأقربين» قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يُذَكر، فقال: «يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار.. إني لا أملك لكم من الله شيئا، غير أنَّ لكم رحما سأبلها - أي سأصلها - ببلالها»، وقال: «يا بني هاشم لا يأتيني الناس يوم القيامة بأعمالهم، وتأتوني أنتم بأحسابكم وأنسابكم»، وقال أيضًا: «يا بنى هاشم لا أغنى عنكم من الله شيئا، يا بنى هاشم إن أوليائى منكم المتقون». والأكثر أهمية أنَّ النبي (ص) وأجداده لم يكونوا طلاب سيادة أو ملك، وتحفظ لنا كتب التاريخ ذلك الحوار الذي دار بين هرقل وأبو سفيان، وذلك بعد أنْ استدعى الأخير من غزة إلى بيت المقدس، وقال له: «لعله يطلب - يقصد رسول الله - مُلكا أو شَرفا»، ثم عاد واستفسر: «هل كان لاحد من أهل بيته قبله؟» - يقصد: هل كان أجداده طُلاب سيادة أو ملك؟ - فأجاب كبير قريش بالنفي.
تكاثر لا معقول ليست اليمن وحدها من نُكبت بأدعياء النسب العلوي، فهناك بُلدان أخرى، إلا أنَّ بلادنا تبقى الأكثر تضررًا. وفي الوقت الذي سادت فيه عدد من العرقيات، وحكمت باسم الإسلام، تحول اليمنيون، وبالأخص مُعتنقي المذهب الزيدي (الهادوي) إلى عبيد لهؤلاء السُلاليين، وباسم الإسلام المُزيف هذه المرة.
وفي المُحصلة التراجيدية شيء طبيعي أنْ يَتكاثر المُغيبين من أحفاد هؤلاء الأدعياء، ليصلوا كما أفادت إحدى الإحصائيات إلى الـ 30,000,000 نسمة كأقل تقدير، هذا حول العالم، أما في اليمن فقد حددتهم إحدى الإحصائيات بـ 6,000,000 نسمة كأعلى تقدير! وهي الإحصائية التي ولَّدت هذا السؤال: ما نسبة اليمنيين (أحفاد قحطان)، ومعهم بقايا الأحباش، والفرس، والأتراك، والأكراد، وغيرهم، من أجمالي سكان اليمن؟! وغير مُستبعد - طبعًا - أنْ يكون كثيرٌ من المذكورين في هذا التساؤل ضمن قائمة أولئك الأدعياء!
يُحسب للباحث الجاد أحمد الحميري بَراعة تفنيد ظاهرة التكاثر اللامعقول لهؤلاء الأدعياء، عبر أحد فصول كتابه (خرافة السُلالة والولاية)، الصادر عن مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام، وفق منهج بحثي وعلمي دقيق. وإنْ كانت الحسابات الرياضية بأي نسب تكاثر - حسب قول ذات الباحث - مقبولة علميًا، إلا أنَّها - فيما يخص العلويين - لن تصل إلى الأرقام المذكورة سابقًا، حتى في مُعدلاتها الأعلى، لافتًا أنَّ أعدادهم الحقيقية عشرات الآلاف فقط، وبالتجاوز والمبالغة مئات الآلاف، لا ملايين!
الحميري نثر في كتابة عدة أمثلة تؤكد تلك الحقيقة الحسابية الغائبة، ولو أنَّ كل واحد - حد مثله الأول - من الـ 100,000 الذين شاركوا الرسول (ص) حجة الوداع بلغ عدد ذريته اليوم نفس الرقم (100,000)؛ لبلغت ذرية أولئك الحجاج مُجتمعين 10 مليارات إنسان، وهو عدد يفوق سكان العالم في الوقت الراهن، هذا إذا افترضنا أنَّه لم يكن على وجه الأرض حينها سواهم!
وما ينبغي تأكيده أنَّ مهمة التفنيد لا تحتاج للدراسات النظرية والحسابية فحسب؛ بل تحتاج للدراسات الجينية أيضًا. وكم نحن في ظل هذه الظروف الحرجة بأمس الحاجة لمركز أبحاث - أو مراكز أبحاث - يتولى هذه المهمة، ويكشف زيف نسب هؤلاء الأدعياء عبر فحوصات (DNA)، ونتائج تلك الفحوصات ستكون حتمًا لصالح معركتنا الكبرى في طمس الخُرافة، وفكفكة السُلالة الزائفة.
ما يقوم به البعض - بقصد أو بدون قصد - من تأكيد علوية أو هاشمية هؤلاء الأدعياء مجافٍ للصواب، ويخدم السُلالين بتأكيد زيف ادعاءاتهم. ومن هذا المُنطلق، يجب علينا جميعًا أن ندير معركتنا بذكاء، وأنْ نُفند ذلك الزيف باسترجاع ما ذكره النسابة والمُؤرخون حول ذلك، وأنْ نُطالب من لم يقتنعوا بتلك الاستدلالات بإجراء الفُحوصات الجينية، وإذا ما جاءت النتيجة لصالح بعضهم؛ حق لهؤلاء البعض أنْ يَفخروا بانتسابهم لعلي بن أبي طالب، أو حتى لأبي لهب، تمامًا مثلما حق لغيرهم أنْ يفخروا بأنسابهم. أما أنْ يقول هؤلاء أنَّهم أحفاد رسول الإنسانية (محمد صلى الله عليه وسلم)، مُنكرين كلام الله تعالى حول هذه الجزئية، ويتسيدوا على عباد الله، فهذا أمرٌ غير مقبول البتة، ولن يجنوا منه سوى الهلاك. نقلًا عن صحيفة "26 سبتمبر"