الخميس ، 08 مايو 2025
قصص وحكايات

الصحراء الغربية مركز لتهريب المهاجرين ..ماذا تعرف عنها وماذا يحدث هناك؟

 

الصحراء الغربية في أفريقيا معروفة بشواطئها ومنتجعاتها، ولكن دفعت جائحة كورونا السكان هناك نحو البحث عن سبل أخرى للمعيشة. وقرر بعضهم مساعدة المهربين على إرسال المهاجرين عبر المحيط الأطلنطي بغرض الوصول لجزر الكناري الإسبانية. إلا أن الأمر بأكمله تحوطه المخاطر من كل جانب!

مدينة الدخلة، الواقعة بالجزء الخاضع لسيطرة المغرب من الصحراء الغربية، معروفة بكونها ملاذا لمحبي الرياضات المائية. ويأتي راكبوا الأمواج على وجه التحديد إلى هنا لثقل مهاراتهم في مياه الخليج ذات اللون الفيروزي.

إلا أن جائحة فيروس كوفيد 19 أثرت بالسلب على السياحة والسفر حول العالم، ليضطر المعتمدون عليها البحث عن طرق جديدة لكسب الرزق.

ودفعت الضائقة الاقتصادية بعض السكان المحليين بمدينة الداخلة لمساعدة مهربي البشر.

الهجرة غير النظامية لجزر الكناري الإسبانية، والواقعة على بعد 500 كيلومتر شمال المدينة الساحلية، قفزت لتشهد الجزر الإسبانية العام الماضي وصول أعلى رقم من المهاجرين إليها منذ عام 2006، ولتشهد ”تجارة“ تهريب المهاجرين بمدينة الدخلة هي الأخرى رواجا.

تفاصيل ”بيزنس“ تهريب المهاجرين…

تحدث واحد من سكان المدينة عن المصاعب الاقتصادية التي دفعته للعمل لواحد من شبكات التهريب. وقال الشاب البالغ من العمر 32 عاما أنه ”يحتاج لكسب المال لإطعام أسرته“، ليقوم بتحضير قارب أسبوعيا لتهريب المهاجرين مساءا.  

ويدفع المهاجر لعبور الأطلسي ألفين دولار أمريكي، آي ما يعادل دخل غالبية العمال في المغرب خلال ما يقرب العام. ويقول الشاب: ”لا أعرف من أين يأتي المهاجرون بالمال، ولكنهم يرغبون في الرحيل بآي ثمن“.   

ويروي الشاب عن ”منافسيه“ في العمل على تهريب البشر، والذين يقومون بارسال ما يصل لعشرة قوارب في الليلة الواحدة. ويحمل القارب الواحد منهم ما بين 20 و 30 مهاجرا غير نظامي، على حد قوله، إلا أن نصف محاولات السفر تبوء بالفشل لمشاكل قبل إنطلاق الرحلة أو بسبب حالة البحر.

ويشتري بعض المهربين القوارب من الصيادين في المرفأ ولكن بعض المهربين يقومون بتكليف النجارين في المدينة ببناء القوارب اللازمة. وذلك لتجنب لفت انتباه السلطات إليهم. ليبتعد المهربون عن شواطئ قرى الصيد ويتوجهوا نحو الصحراء لبناء القوارب والاختباء. وعندما يأتي موعد بيع القارب، يتم نقله للشاطئ عادة في المساء. 

وكانت وكالة الأنباء الإخبارية أسوشيتد برس، قد تابعت عملية نقل واحد من تلك القوارب بمنطقة نائية في الصحراء، حيث انتقل المهربون برفقة عمال لنقطة إلتقاء عثروا فيها على خيمة وقارب والشاب الذي قام ببنائه. وأثناء استعدادهم للعودة، تلقى المهربون تحذيرا من ”تحرك“ للشرطة وتم إخبارهم بالرحيل وترك المكان. وفي غضون دقائق، شقت السيارة رمال الصحراء مجددا واختفت الخيمة وكافة المعدات.

عبور الأطلسي ما بين الموت والفقر!

تستغرق الرحلة إلى جزر الكناري حوالي أربعة أيام، لا يكون بحوذة المهاجرين خلالها سوى قليلا من الطعام والشراب. وعادة ما يصل المهاجرون لوجهتهم في حالة سيئة، إذا نجحوا في الوصول للشاطئ أصلا.

وحتى إن وصل القارب لوجهته، فغالبا ما يعلق المهاجرون هناك بدون أي منفذ للعمل، خاصة إن كانوا يحملون الجنسية المغربية.

ويقدر مشروع المهاجرين المفقودين التابع لمنظمة الهجرة الدولية IOM عدد الأشخاص الذين لقوا مصرعهم أو اختفوا أثناء محاولتهم الوصول لجزر الكناري من شمال غرب أفريقيا بحوالي 600 مهاجر غير نظامي، من بينهم 109 مهاجرعلى الأقل من مدينة الدخلة نفسها أو بالقرب منها.  

علما أن هناك الكثير من المهاجرين لازالوا في عداد المفقودين. فالعديد من القوارب مفقودين في البحر بلا آي آثر، ويتم حاليا التحقيق في اختفاء ثمانية قوارب حملت 355 شخصا على متنها.

ولكن الأمر لا يقتصر فقط على الرحلة نفسها، والتي وصفتها الوكالة الأوروبية للحدود بـ ”مسار الهجرة الأكثر خطرا في العالم“. فمخاطر أخرى تترصد بالساعين نحو خوض هذه الرحلة، إذ من غير المعلوم عدد الأشخاص التي لقت مصرعها في الصحراء الغربية أثناء محاولتهم الوصول لآي مكان كمدينة الداخلة على أمل مغادرة القارة السمراء للأبد.  

مناورات سياسية!

انخفضت محاولات الهجرة غير الشرعية لأوروبا خلال 2020، ولكن شهدت جزر الكناري ارتفاعا ملحوظا بوصول ما يقرب من 23 ألف مهاجر إليها على مدار الـ 12 شهر الماضية. لتصبح إسبانيا نقطة العبور الرئيسية للساعين نحو الوصول للشواطئ الأوروبية العام الماضي، وفقا لإحصائيات رسمية، وتحتل بذلك الصدارة من دول كاليونان وإيطاليا طالما كانت الخط الأمامي في مواجهة المهاجرين غير الشرعيين. 

وحاولت الحكومة الإسبانية تبني إجراءات لمواجهة هذا التدفق، من خلال تعزيز الدعم للمغرب على أمل خفض الهجرة غير الشرعية.

وفي المقابل، صعدت السلطات المغربية من إجراءاتها لتضييق الخناق على هذه الرحلات باستخدام طائرات الهليكوبتر والكشافات. وصرحت الشرطية المغربية بقيامها بمنع 10,000 مهاجر غير شرعي من العبور لأوروبا العام الماضي.

إلا أن الصراع التي تشهده الصحراء الغربية منذ عقود يعد لاعب أخر رئيسي في قضية الهجرة غير النظامية.

مخاطر أخرى غير معلومة…

وبالإضافة للمهاجرين نحو جزر الكناري من الصحراء المغربية، تنطلق الزوارق والقوارب كذلك لمسافات تتراوح ما بين ألف وألفين كيلومتر في البحر من دول أخرى على الساحل الغربي للقارة الأفريقية مثل غامبيا وغينيا وموريتانيا.

ولتطويق هذه الرحلات، أرسلت الحكومة الإسبانية مسؤولين للسنغال العام الماضي لمناقشة كيفية وقف محاولات العبور. 

بيد أن محاولة ردع الجميع من المخاطرة ليست حوار دبلوماسي بين الحكومات فقط. فنتيجة للأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم بسبب جائحة كورونا، يسعى الكثيرون الآن عبور القارة الأفريقية بحثا على فرص بمكان أخر.

وسيستمر آلاف الأشخاص في محاولة خوض الرحلة المحفوفة بالمخاطر نحو جزر الكناري، والتي راح ضحيتها بالفعل في الأيام الأولى من العام الجديد ستة أشخاص حتى الآن من بينهم طفل!