خلال حياتي وفي ثلاثة مواضع شعرت بهول وخطورة الزلزال.
المرة الأولى في عام 2004 في مدينة ميلانو الإيطالية.كنت وبعض زملاء من الخارجية والرئاسة في دورة دبلوماسية في إيطاليا، قضينا منها أسبوعين في روما وأسبوعين في ميلان. ذات مساء وبعد أن أطفأت نور غرفتي استعدادا للنوم، شعرت بالخشب الأرضي للغرفة وجدرانها يتحرك ويحتك بقوة، وكنا نسكن في فندق جميل وفخم وعلى الطراز الروماني القديم، ومعظم ديكوره الأرضي والجدران مغطاة بخشب نادر وثمين، ويقع الفندق في وسط المدينة، وعلى شكل برجا طويلا.
صباحا، وأثناء الإفطار بدأ الجميع في المطعم يحكي قصته مع الهزة، ومنهم من أخبرنا أن باب غرفته أفتتح بفعل الهزة، ثم سمعنا الأخبار أن مركز الهزة كانت في جزيرة في البحر تبعد 100 كيلو مترا عن المدينة. كانت لحظات مخيفة، وتذكرنا قوة الله وضعفنا، حتى أن من كان منا يشاهد التلفزيون الإيطالي وما يبثه من مناظر "شهية"، أمتنع حتى مغادرتنا المدينة.
المرة الثانية في دمشق. بعد تعييني وزيرًا مفوضًا في سفارتنا في دمشق في بداية عام ٢٠٠٨، سكنت في برج بالمزة الشرقية، في الدور التاسع. وفي يوم جمعة، وأثناء استماعنا للخطيب، فجأة أهتز جامع الإمام الشافعي عدة هزات قوية كننا نعتقد أن سقف الجامع سيسقط علينا لا محالة، فشعرت بخوف لم أشهده من قبل، وهم الجميع بالهرب إلى الخارج، ولكن الخطيب الشجاع قطع الخطبة، وظل يردد " لا إله إلا الله" بصوت جهوري وقوي، مما بث الطمأنينة في نفوسنا، فتماسك الجميع حتى توقفت الهزة التي استمرت عدة ثوان. ولم يخرج من الجامع إلا رجل واحد كبير في السن.
الغريبة والعجيبة أن الخطيب وبعد أن توقفت الهزة، صاح: لا إله إلا الله، إنها هزة بقوة 5 درجات بمقياس ريختر يا عباد الله، ثم بدأ يشرح عن قوة الله وضعف الإنسان، ثم نتفاجأ بعد خروجنا أن الأخبار تقول إن مركز الزلازل كان في البحر الأبيض المتوسط قرب قبرص، وكانت الهزة بقوة خمس درجات بمقياس ريختر. كانت زوجتي وولدي الصغير عمار في الدور التاسع للعمارة المجاورة للجامع، ويا له من شعور بالخوف الرهبة أن ترجع إلى منزلك وقد تحول إلى ركام يحتضن من تحب ومن تعيش لأجله. لم أنس تلك الحادثة لفترة طويلة من الزمن، حتى شهدت زلزالًا أشد وأفظع؛ محا رهبة تلك الهزة.
الهزة الثالثة: كانت في سبتمبر ٢٠١٤، عندما اهتزت صنعاء بفعل اقتحام مليشيات الأشتر للمدينة، من الجهة الغربية للمدنية، بينما كان في الجهة الأخرى للعاصمة وزير الدفاع الخائن محمد ناصر أحمد الحسني العلقمي، مشغول بزيارات متتالية ومتتابعة للوحدات العسكرية ولمؤسسات الدولة في العاصمة، يأمرهم بالتعاون مع ما كان يسميه " أنصار الله وأصدقاء القوات المسلحة والأمن".
في تلك الأثناء من الهزة، كانت بعض قيادات الدولة في مقيل منزل وكيل وزارة الخارجية، يتابعون الموقف بذهول وقلق وغضب، جراء عملية إسقاط العاصمة بتلك الطريقة الغريبة والعجيبة. وحسب تأكيد أحد الحضور لي، أن الدكتور رشاد العليمي كان من ضمن الحاضرين، وهو الذي أتصل بالعلقمي محمد ناصر أحمد، يسأله عن حقيقة ما يحدث للعاصمة، وماذا تعني توجيهاته للجيش بعدم المواجهة. ليفضل الخائن العلقمي أن يأتي إليهم ليشرح لهم الوضع بعد أن أخبرهم أنه قريب من منزل الوكيل.
ثم أكد لي صديقي أن الوزير وصل إليهم وهو مبتهج وسعيد وهادئ، وبدأ يطمئن الجميع أن الوضع تحت السيطرة!
وللأمانة أن زلزال الوزير العلقمي ومعه بعض قيادات الدولة الخونة وبعض المشايخ وقيادات الأحزاب هزني أكثر من زلزال الأشاترة، كوني على معرفة تامة بماضيهم السلالي العنصري، وبحقيقة مشروعهم الطائفي الهاشمي في اليمن والمنطقة.
ذلك الزلزال تسبب في دمار اليمن، وفي إخراج الملايين من منازلهم إلى متاهات مليئة بالدماء والآلام والعناء والشقاء بشكل لا مثيل له في التاريخ. هذا زلزال زيدي يضاف إلى زلازل الزيدية التي استوطنت اليمن منذ مجيء المجرم يحيى الرسي إلى صعدة عام 284 هجرية، وأطلق على نفسه كذبا، بالهادي إلى الحق! #مدونة_التوعية_والتثقيف