وانا طالب بالابتدائية أتهجى الحروف بصعوبة ماكنتش أعرف أنطق حروف (ص، ض، ط، ظ) سوا، وفي كل درس أنطقهن “صاط، ضاط، طاط، ضاط”. تعب الأستاذ داخل الفصل وهو يعلمني كيف انطقهن سوا وقال لي في يوم: – حاول تصاحب الصاد والضاد والطاء والضاء تمامًا زيما تصاحب أي أربعة إخوة متشابهين، وانت شتعرف تنطقهن صح.
ما افتهمليش كيف أصاحبهن بالضبط، وجلست اتخيل أننا ألعب كل يوم مع “صاط وضاط وطاط وضاط” تمامًا زيما ألعب مع أصحابي المعتادين في الحارة. وسلك حالي شوية مع حرف الـ”ص” وصاحبته وعرفت كيف أنطقه سوا، عدا “ض وط وظ” مادخلين رأسي ولا قدرت افهم صحبتهن سوا وجلست انطقهن “ضاط طاط ”ليصبح الأمر عندي بمرور الوقت قياس شخصي لنوعية الأصحاب اللي ممكن يتعرف عليهم الإنسان في حياته. وكبرت على قاعدة تسمية الأصحاب الحبوبين “صاد” وتسمية الأصحاب اللي ما بش عليهم ركان “ضاط” والأصحاب الغائمين اللي يتغيروا عليك هكذا فجأة من دون أسباب واضحة “طاط”.
ولو أشرت باتجاه أحدهم الان وقلت بالفم الملان هذا صاحب “صاد” فذلك يعني أنه صاحب صاحبه، ومن جملة ذولاياك الناس الحبوبين والصادقين اللي يشتاق لهم الواحد دائمًا، ويحب أن يقضي الأوقات بصحبتهم.
ولو أشرت باتجاه واحد ثاني وقلت لك هذا صاحب “ضاط” فذلك يعني أنه صاحب ضفط، ومن جملة الناس اللي يضبحوا بك ويضيقوا بك وما منهم غير الضجر وبس.
ولو أشرت باتجاه ثالث وقلت لك هذا صاحب “طاط” فذلك يعني أنه صاحب طول الوقت يهدر ويهرج، ووقت الصدق يطلع من جملة ذولياك الاصحاب الطارئين في الحياة اللي يسموهم عندنا “طاط ونص”.
وأنا شخصيًّا إنسان صحوب عرفت وسايرت في حياتي أصحاب خيرات منحتهم أوقاتي، وقاسمتهم اللقمة والضحكة والأحلام واغتنام بعض التفاهات المسلية لتمضية اوقات لا يمكن مرورها بسلاسة من دون صحبة أو ماشابهها من اللقاءات المصحوبة بالألفة وشيء من اللطف .
صاحبت شخوص كثر من كل المستويات لم يغيرهم الوقت ولا تقلبات الزمن الوسخ و كانوا دائما عندي وفي حسبتي الشخصية أصحاب “صاد” بكل ما تحمله الكلمة من معاني الصدق والصفاء .
وصاحبت عميقين كثر ضننت أنهم صفوة المجتمع غير أن كثيرا منهم طلعوا “ضاط” اي والله ضاط بكل ما تحمله الكلمة من معاني الضفاطة والضلفعة والضجر اليومي اللي مالوش أي داعي.
وصاحبت ناس طارئين في الحياة لطالما اعتقدت بأنهم صفوة الصف الأول في المجتمع غير أن كثيرا منهم طلعوا “طاط ونص” أي والله طاط ونص بكل ما تحمله هذه الكلمة من المعاني المعبرة عن الصحب الطارئة التي يفترض بالإنسان إلا يراهن على ضمارها خارج صحبة الوقت الطارىء .
لكن بعمري كله عمومًا ما شفت أصحاب طلعوا “ طاط ضاط ” بتذكرة واحدة ؛ أكثر من الأصحاب اللي باضتهم فقاسة 2011 و2014، وأصبحوا بفضل من هاتين النثرتين أصحاب ثانيين ومختلفين غير اللي كنت أعرفهم من قبل.
صاحب كان حبوب ومليح ولما يكلمك عن المستقبل وانت جالس معه تشعر وانت تسمعه أنك جالس مع حكيم الزمان فجأة اختلف عليه المرقد وما دريت إلا وقده يشوفوا المستقبل بعيون الفقاسة ولازم تكون شايف المستقبل في دولة الخلافة الإسلامية زيه والا فأنت بطال
صاحب ثاني كان جليس لطيف طول الوقت نهدر انا وهوه عن دولة مدنية ونظام وقانون عشان البلد تتطور ؛ وفجأة ما دريت إلا وقدو يدي الصرخة وقدو يكلمني عن رائحة المسك في قبر حسين بدر الدين الحوثي ويشتيني اشم المسك زيه وأشوف المستقبل بعيون النطفة المقدسة والحق الإلهي ما لم فإني بطال .
هولا الاثنين عموما هم التعبير العملي لجملة الناس اللي يمكن أن نسميهم أصحاب “ضاط” اللي يجيبوا لك الضيق والضجر وأما أصحاب “طاط” الذي لو حبينا أن ندلعهم، نسميهم طاط ونص فهم كالتالي: صاحب كان موظف عادي أين مالقيني يقول لي والله إنك أحسن صاحب، وفجأة فتحت له نثرتيّ 2011 و2014 أبواب الرزق على مصراعيه، واليوم لو شافني مصادفة في الشارع يعصر ليمشي من الشارع الثاني !
وصاحب طارىء من أصحاب الضمار كان قبل النثرتين طول الوقت يغني لي هندي، وانت مبدع، وانا بابا، وانا ماما، وانا زندكيه . قرحت الحرب وقطع الصحوبية الطارئة بكلها للطرف؛ وماعد قال حتى كيف حال زندكيه ؟ وهو ذاك ذلحين قد بيغني هندي لناس ثانيين من ضمار النثرتين!
صاحب من المسؤولين المقالين سابقًا من وظيفتهم بأيام “صالح” كان صاحب قوي قوي ؛ وأين ما سار يشلني معه ولا يفلتني أبدًا وماكوده يقولي : انت مبدع انت بطل انت رمز وطني عاد له الحظى في زمن النثرتين وطلع محافظ، وفرحت به وقلت ماذلحين وقتك تفتهن بعز صاحبك وماكنتش داري ولا متوقع حتى أنه بيطلع صاحب طارىء لاطفني في فترة ولما وقع محافظ ماعاقال حتى اينو الرمز الوطني ؟!
وصاحب من الزملاء الصحفيين كان قبل 2011 يسهر للصبح بانتظار إرسال مقالي الأسبوعي للصحيفة اللي يعمل فيها ودائمًا يقول لي: اسمك هو اللي يمشي الصحيفة وبمجرد ما طلع وزير في حكومة الشرعية نسي اسمي!
وفي حياتكم الشخصية أنتم أيضًا هناك أصحاب كثر من هذي العينات عليكم أن لا تراهنوا مطلقًا على صحوبية أي واحد فيهم لأنك تكون في تعاملك معهم راكن أنهم “صاد” وهم في حقيقة الحال "ضاط طاااااط" و ما بوه عليهم ركان. ......... موقع صحيفة اليمني الأميركي