وصل مبعوث أمريكا بشأن اليمن- ليدركنج- إلى الرياض يوم "الخميس" وفي نفس اليوم قابله ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان.
أنا سأعتبر هذه لحظة غير عادية وملاحظة لا يجب القفز عليها.
لحظة قد تحدد أشياء كثيرة بالنسبة لولي العهد شخصيا وبالنسبة للمملكة.
كأنه كان بانتظار ليدركنج ومستعد له وقد قرر أن هذه لحظة هامة في ولاية عهده وفي تاريخ المملكة.
حضر اللقاء الأمير خالد بن سلمان، والأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، والأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، والسفير محمد آل جابر.
وهؤلاء، هم من يمسكون إدارة ملفات المملكة مع أمريكا ومع اليمن.
وحضر اللقاء القائمة بأعمال سفير أمريكا في الرياض مارتينا سترونغ، وسفير أمريكا في اليمن كريستوفر هينريل.
وهؤلاء، هم من سيديرون الدور الأمريكي ويتعاملون مع مسؤولي السعودية واليمن، على المستوى اليومي.
أنا، سأعتبر هذه لحظة هامة في حياة تيم ليدركنج، وسياسة أمريكا في المنطقة، والحزب الديموقراطي واليسار الأمريكي والرئيس جو بايدن شخصيا.
تزامنا مع هذا:
التقى جواد ظريف وزير خارجية إيران المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام في مسقط، مساء الأربعاء، وأكد له أن إيران تؤيد:
•وقف إطلاق النار
•بدء مفاوضات يمنية- يمنية لحل سلمي
ثم غرد ظريف، بأن "هناك بوادر إيجابية لحلحلة مشاكل المنطقة ومشاكل أمريكا مع إيران بشأن مشروعها النووي."
أنا سأعتبر هذه لحظة هامة في حياة جمهورية إيران الإسلامية وفك الحصار والمقاطعة عنها وكسب مكانة مرموقة في المنطقة.
وتزامنا مع هذا أيضا:
غردت المحللة السياسية الأمريكية باربارا سلاڤين Barbara Slavin بأن شخصا رفيع المستوى في مكان حساس أخبرها أن ويليام بيرنز مدير المخابرات المركزية الأمريكية اجتمع مع مستشار الأمن القومي الإيراني علي شامخاني في بغداد، وحظر الاجتماع مسؤول سعودي رفيع المستوى لم يذكروا إسمه.
وسأعتبر هذا لحظة هامة، لأن من يديرون الدسائس وتوجيه الضربات على الأرض بينهم البين، قد اجتمعوا سويا لكي لا تتعارض معاركهم ودسائسهم على الأرض مع اللحظات الهامة في حياة كل هؤلاء المذكورين.
وهناك ملاحظة في غاية الأهمية، وهي أن هذه اللحظات الهامة في حياة كل هؤلاء الأشخاص والجهات والدول، إنما هي قائمة على "ظهر اليمن"، الذي يئن ويتوجع من كل هذه الأحمال ومن أشياء أخرى تخص هذا البلد الموجوع ولا شأن لأصحاب هذه اللحظات بها.
**
أولا: لحظة ليدركنج
**
سأبدأ بمبعوث أمريكا ليدركنج، لأن الرئيس بايدن هو الذي بدأ كل هذه اللحظات.
ويمكن إعتبارها أيضا لحظة الرئيس بايدن وحتى لحظة أمريكا، لأنها ستكون اللحظة التي تم فيها إنهاء حرب اليمن وحل المشكلات السياسية والإنسانية والمظالم التاريخية في اليمن.
إسم ليدركنج، يمكن أن يصبح شائعا في المنطقة مثل "لورانس العرب" الذي نتج عن نشاطه الضربة القاصمة الأخيرة للدولة العثمانية- بدون تكلفة- ونشوء ممالك عربية وربما أكثر مثل "سايكس و بيكو" اللذان تسببت حركاتهم بتجزئة وتقسيم الدول العربية وظهور "الدولة الوطنية" عند العرب.
ويمكن أن يحتل إسم ليدركنج مكانا سيئ السمعة عند اليمنيين مثل ذلك الذي اكتسبه مارتين جريفثس بسبب دوره في مفاوضات ستوكهولم ونتائج إتفاق ستوكهولم والمكاسب الكبرى التي غنها الحوثيون من إتفاق ستوكهولم بدون أي فائدة للشرعية اليمنية أو "الإمارات" أو التحالف عموما.
كل دعاوي وإدعاءات ومحاولات جريفثس وبريطانيا لتزيين حركات ستوكهولم، باطلة.
ويستحقون سوء السمعة التي لحقت بهم بسبب ستوكهولم.
ماذا يقول ليدركنج؟
*
نحن سنتعامل مع الجميع بحسب ما تقول ألسنتهم، ولن نُقَوِّلْ أي أحد أي شيئ من عندنا.
قال ليدركنج في الأسبوع الماضي- للكونجرس في اجتماع مشترك للشيوخ والنواب:
١- اليمن، يجب أن يبقى موحدا.
٢- اليمن، يجب أن يتخلص من نفوذ وأدوار الدول الأجنبية.
٣- مشاركة الحوثيين في الحكم كحركة سياسية وبدون سلاح وبدون ميليشيات.
٤- إيجاد حلول للمظالم التاريخية في اليمن
"الأخ" تيم ليدركنج، نريدك أن تعرف بأن هذه هي طلبات اليمنيين من أمثالي والتي هي نفس طلبات الأغلبية الصامتة.
ونريدك أن تعرف بأن اليمن لن تهدأ وتستقر إلا بتحقيق هذه الأهداف.
ونحن نقول لك بأنك إذا نجحت بتحقيق هذه الأهداف، فإنك ستدخل التاريخ وسيكون لإسمك مكانا خاصا في اليمن.
ونريد أن تعرف رأينا بالطريقة التي يمكن أن تتحقق بها هذه الأهداف.
ويمكن أن تعتبر هذا مساعدة منا، مادام ونحن نشترك بنفس الأهداف.
ماذا نقول نحن للمبعوث ليدركنج
*
هذه هي الأشياء التي ستحقق استقرار اليمن:
١- الدستور
ممارسة الحكم على أساس دستور.
وهذا الدستور، موجود وكُتِب بناء على مخرجات الحوار الوطني الذي تم بين كل فئات الشعب ونوقشت فيه كل المشاكل.
إذا أردتم إعادة اختراع العجلة بحوار جديد ودستور جديد يكتبه كل الناس من جديد، فلن تأتوا بشيئ جديد.
ولا مانع عندنا- إذا صممتم- من تحمل اللت والعجن والعصد من جديد.
٢- دخول الكليات الحربية
•من كل أنحاء اليمن.
•والترقي في المناصب والرتب العسكرية لكل الضباط بنفس المعايير والمقاييس.
٣- بناء جيش وطني من كل أنحاء اليمن.
٤- مهمة الجيش الوطني الأساسية، هي •حماية الدستور.
•ولا يتدخل الجيش بالسياسة.
٥- سيادة القانون والقضاء.
•جهاز نيابة وقضاء نزيه.
•محكمة دستورية عليا، تبت في الخلافات على تفسير الدستور.
٦- جهاز شرطة نزيه
•ينفذ مايحكم به القانون والقضاء.
٧- إزالة المظالم التاريخية
هذا سيتحقق تلقائيا بمخرجات الحوار الوطني وبالدستور وبحماية الدستور وبسيادة القانون والقضاء وبتنفيذ القانون.
**
ثانيا: لحظة ولي العهد
**
على فكرة، الكثير من الكتاب الغربيين- الذين غالبا لا يعجبوننا- يقولون أن حرب اليمن ما هي إلا حرب محمد بن سلمان.
وأنه لولا بروز دور الأمير شخصيا في إتخاذ قرار الحرب، لما قام أي أحد في المملكة بإنقاذ الرئيس هادي وخلق مُسَمَّى "الشرعية اليمنية".
أنا جزء من عموم اليمنيين الذين يقولون، بأن بروز دور محمد بن سلمان مع عنفوان الشباب وحماسه، كان ضربة حظ لليمن لم تكن بالحسبان.
هذه ربما آخر حرب ستخوضها المملكة السعودية- بقرار منها- خارج حدودها.
والمؤكد أن هذا شيئ غير قابل للتكرار.
ولي العهد، رأى أن الحوثيين إنما هم امتداد لإيران وأن هذا خطر كبير لمصلحة المملكة العليا.
لولا هذا "الحماس" من ولي العهد لدرء الخطر عن بلاده ومملكته، لكانت الإمامة والعهد البائد بكل عائلاته ومفاهيمه مع نكهات من نظام "ملالي" إيران وجمهوريتها الإسلامية، قد نشبت في عروق اليمن وشرايينها وأعصابها وكل خلية في جسمها، حتى تتوقف اليمن من أن تكون تلك اليمن التي في خاطرنا وعقولنا وقلوبنا وأرواحنا.
ماذا يقول ولي العهد
*
تحدث الأمير محمد بن سلمان طويلا قبل ثلاثة أيام ونحن سنركز على ما قاله عن اليمن.
هذا، هو ما قاله "حرفيا" الأمير:
١- لا أحد يستطيع الضغط على السعودية.
•هذا يناسبنا- نحن اليمنيون- فقد لدغنا في ستوكهولم من الضغوط.
٢- السعودية، لن تقبل بوجود ميليشيا حوثية أو غيرها في اليمن
•هذا يناسبنا جداً
•وهذا هو ما نعنيه بأن هناك تطابق مصالح بين اليمنيين والسعوديين.
٣- الحوثية، هي انقلاب غير قانوني على الشرعية.
•ليس بالإبداع أحسن مما كان.
٤- يجب أن تغير إيران من تصرفاتها في المنطقة.
هنا يتم تطابق كامل للمصالح اليمنية السعودية العليا.
٥- لن نتطرق للمجاملات التي أرسلها لإيران ولصاحبها عبدالملك الحوثي، فهذه أشياء يقولها الناس.
وليس هذا مكان بحث علاقة سبع سنوات بين المملكة والشرعية اليمنية، التي هي أصلا من خلقتها وربتها ورعرعتها وسمحت بطردها من عاصمتها عدن واستضافتها في الرياض في أطول ضيافة في التاريخ.
ماذا نقول نحن لولي العهد
١- نحن نتجمل ولا نترك أصدقاءنا بأول مفترق طرق.
نحن ما في قلوبنا على رأس وطرف ألسنتنا.
وعندما نتألم، ستكون أول من تعرف.
ولكننا نتجمل ولا نترك أصدقاءنا.
في لحظة ما، أنت قمت لليمن بما يقوم به الصديق للصديق.
وفي لحظات أخرى، نحن تألمنا وظهر ما في قلوبنا على ألسنتنا.
وكما يجب على الصديق- نحن- أن يتجمل وألا يترك صديقه في أول مفرق طريق، فإنه يجب على الصديق في الطرف الآخر- أنتم- أن يرى ألم صديقه وأن يسمع ما تقوله قلوب اليمنيين ويفيض ما في قلوبهم إلى أطراف ألسنتهم.
٢- لا توجد عندنا مواعظ لنقولها لكم
نحن رفاق طريق ورفاق سلاح للسنة السابعة على التوالي، ونعرف ما تريدون وأنتم تعرفون ما نريد.
١- نحن، لا نريد أن نلقى نفس مصير أخواتنا العربيات في لبنان وسوريا والعراق.
٢- أنتم، لا تريدون أن يصيب صنعاء ما أصاب أخواتكم العربيات في بيروت ودمشق وبغداد.
... وربما تكون- أو لا تكون- هذه هي لحظة اليمن التي كانت تبحث عنها لعشرات السنين.