التشيع (بمعنى التحيز لآل البيت وتقديسهم) ظاهرة موجودة عند السنة والشيعة على حد سواء. وأكثر أهل السنة تطرفا في الفقه متشيعو الهوى والوجدان.
الشافعي مثلا كان سني الفقه شيعي الهوى، وكذلك ابو حنيفه ومالك واين حنبل. لأحاديث التي تنص على شرف وخصوصية آل البيت موجودة أساسا في كتب السنة (أحاديث العتره، وأحاديث فضل آل البيت والصلاة على آل البيت). بل أن كبار علماء السنة اعتبروا محبة آل البيت فرضا واجبا وساندوهم باعتبارهم الأحق بالحكم.
ولا زال المسلمون عموما يتعاملون مع شخصيات الإمام علي والإمام الحسين بتقديس مفرط لا يسبغونه حتى على كبار الصحابة كأبي بكر وعمر. بل ويؤمنون إيمانا كاملا أن الحق كان مع علي والحسين في أحداث الفتنة الكبرى وما بعدها، مع أنهما كانا طلاب سلطة كغيرهما.
لا شك أن تقديس أسرة معينة حتى ولو كانت أسرة النبي سلوك لا عقلاني وعنصري. لكن العنصرية كانت متجذرة في الفقه الإسلامي نفسه.
ولا ننسى أن المذاهب الإسلامية أجمعت كلها على حصر الخلافة في قريش باستثناء نفر من الخوارج والمعتزلة. "السلالية" في الدين ثقافة عربية خالصة انتقلت من المجال القبلي إلى المجال اللاهوتي. فنحن لم نسمع أن اليهود يصلون على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. أو أن موسى قال لليهود اتبعوا عترتي آل بيتي. أو أن المسيحيين اعتبروا الحكم محصورا في قبيلة المسيح و أبناء عمومته! تم إختراع القرشية والهاشمية ومحبة آل البيت لاحقا وبالتحديد في القرن الثاني الهجري.
وهو نفس القرن الذي تم فيه تأسيس المذاهب "المحمديه" و "العلوية الحسينية". الذين وضعوا محبة آل البيت ضمن ميثاقهم الدعوي هم الزنداني و علماء الإخوان السنيون. والذي طالب بدفع خمس ثروات للوطن لآل البيت هو سني متعصب!
الخلاصة أن الخلل ليس في مذهب معين لأن الإسلام الكلاسيكي حول آل بيت محمد الى عائلة مقدسة. إنما الخلل في جذور العقل الفقهي نفسه. وتشذيب بعض الأغصان الناشزة لن يحل المشكلة دون إعادة تأصيل الاصول.
فنحن مثلا بناء على المرويات المنقولة نصلي على آل بيت محمد 5 مرات يوميا عندما نقرا التشهد في كل صلاة،وهذا شيء غير مفهوم ما دامت الصلاة علاقة مباشرة بين العبد والرب ولا مكان للعائلة المقدسة داخلها. إضافة الصلاة على آل النبي إلى التشهد ابتكار للشافعي تبعته ابتكارات اخرى كأحاديث الولاية والوصاية والغدير وكلها إضافات سنية قبل ان تكون شيعيه. اقتربوا من الجذور ولو قليلا.
تم نشره في أبريل 2017 في صفحة الكاتب.