في عام ٢٠١١ ، بدأ ربيع حزب الإصلاح امتدادا للربيع العربي الطامح إلى التغيير في المنطقة العربية ، وتحالف اللقاء المشترك الذي يقوده الإصلاح مع الحوثيين وأدخلهم إلى صنعاء ، لكنه سرعان ما تعرض لنكسة قاتلة بسبب سيطرة جماعة الحوثي الرجعية لتدخل اليمن في مرحلة صراع داخلي عنيفة ، مع ما رافق ذلك من ظهور أهوج للشعارات المتطرفة وأبرزها شعار الموت لأمريكا ، الموت لإسرائيل الذي اتخذته جماعة الحوثي ولا زالت كهوية إيديولوجية وكممارسة وأجندة لتخلق بذلك مآس دموية ، خاصة بعد تحالف المؤتمر الشعبي العام مع الحوثي للثأر من حزب الإصلاح .
ولم تكن دول الخليج بعيدة عن ذلك وتحديدا السعودية والإمارات اللتان وجدتا في صعود العنصرية الحوثية فرصة للقضاء على الديمقراطية في اليمن ، فسارعتا إلى تعميق حالة المواجهة بين الحوثيين والإصلاح واستغلتا الخلافات بين المؤتمر والإصلاح لصياغة وضع جديد خال من الأحزاب والتعددية السياسية .
في ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ أعلن الحوثيون حربهم على اليمنيين وأعطوا الفرصة لدول الإقليم أن تشن حربا على اليمن كلفت الشعب اليمني تكاليف إنسانية ومادية هائلة واليوم تبدو مأرب هي التي تحملت عبء الحرب كلها وستكون مدخلا لمتغيرات رهيبة ، أهمها سقوط الحوثية ودفنها في صحراء مأرب ، إذ لا تجتمع الحضارة والجهل .
قبل أن ينهي مؤتمر الحوار الوطني أعماله قادت عصابة الحوثي الإرهابية تمردها على الدولة ، وقبل ذلك جمعت مليشياتها لتستعرض بها عسكريا على حدود المملكة العربية السعودية وبعد ذلك وقعت اتفاقا مع إيران لتسيير رحلات من طهران إلى صنعاء ، وبسبب من ذلك وتحت هذا المبرر قادت السعودية تحالفا وشنت حربا دمرت كل مقدرات الجيش اليمني لتفسح المجال لعصابة الحوثي كي تسيطر على مؤسسات الدولة .
حاولت السعودية قلب المعادلة بالكامل بما يتناسب مع مصالحها ، لكنها لم تكن على علم بالواقع اليمني ، حيث دعمت الشرعية نظريا ، لكنها أضعفتها عمليا ، ومضت للتخلص من كل عناصر القوة من الجيش والسياسيين ، ودخلت الشرعية في مواجهة عسكرية مباشرة مع عصابة الحوثي متسلحة بشعارات وطنية ، لكنها لم تعرف كيف تستثمرها ولم تفعل الجبهات كلها في وقت واحد ، بمعنى أنها جزأت المعركة وجعلت الحوثي هو الذي يفرض زمان ومكان المعركة .
بعد دخول عصابة الحوثي الإرهابية صنعاء وتمددها في بقية المحافظات الأخرى ، أصبحت في وضع سيء وفي حالة من الضعف ، حتى بدأ التحالف في قصف المؤسسة العسكرية والمنشآت المدنية ، فأنقذ الحوثي من الانهيار واعتبر الحوثي هذا القصف هدية سماوية لأنها مهدت له الطريق إلى الاستيلاء على المعسكرات وأكملت له الهدية بقتل جميع القيادات العسكرية في صالة العزاء .
ماهي إلا شهور حتى تمكنت عصابة الحوثي من امتصاص الصدمة والبدء بتفعيل المواجهة بذريعة مواجهة العدوان ودخلت الحرب دائرة الاستنزاف المنسية والمتعبة ، فبعد أن كان تقدير التحالف لأمر الحرب لا يتجاوز العشرة أيام ، فإذا بها تدخل عامها السابع .
كان واضحا بأن التحالف قد كسب الحرب تكتيكيا لكنه على مستوى الفعل الاستراتيجي لم يكن النصر مضمونا بسبب إضعافه للشرعية وسماحه ببناء مليشيات جديدة وقفت ضد الشرعية وأعاقت مواجهة الحوثي ، إضافة إلى حرمانها من بناء مؤسساتها على الأرض المحررة .
وبعد كل هذه السنوات من الحرب ، تعالت أصوات في أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي لوقف الحرب ضاربين بالقرارات الدولية عرض الحائط ، مساوين بين الشرعية والجماعة الإرهابية ، ومع ذلك لم تستطع هذه العصابة التواصل مع حالة السلام التي أطلقها المجتمع الدولي ، ومع انكفاء التحالف على نفسه بسبب ما حققه من مصالح وهمية ، أخذ الغرور وأوهام القوة والطيش عصابة الحوثي الإرهابية فحاولت غزو مأرب ، لكنها لم تدرك أنها بعدوانها هذا تصنع كربلائها ومأرب تصنع قادسيتها ، وسيكتب التاريخ أن مأرب مرغت وجه عبدالملك الحوثي بالتراب ، وأن جماعته بعد ست سنوات من الحرب لم تقتل إسرائيلي واحد ولم تصلي بالقدس كما كان يبشر الضالين من جماعته ، وأنها لم تقتل سوى اليمنيين..