الحشد التلقائي في عرس مصطفي المومري بميدان السبعين بجوار جامع الصالح، يُدلل أن الناس يعشقون التجمهر والتجمع، وأن الترابط المجتمعي والعادات والتقاليد والفضول والبساطة والتسلية وحب الإطلاع هي دوافع ثابتة لكل التجمعات التي نُظمت في السابق.
ماحدث في عرس مصطفى مثلَ حالة فريدة من نوعها في تحشيد الآلاف من الناس بلا ترغيب أو ترهيب. حشد تلقائي حشر مليشيا الحوثي في زاوية مظلمة، وأسقط شعاراتهم بضربة قاضية. ولذا يجب أن يستوعب الجميع أن اِحتشاد الناس وتجمعهم في أي مناسبة لا يعني قبولهم لها وتاييداً لبرامج القائمين عليها، بقدر ماهي حضوراً للعلم أو للفُرجة، ولتمضية لوقت وإشباعاً لفضول.
الناس ستدعم وستساند فقط من سيوفر لهم الأمن والأمان والاستقرار ولقمة العيش الكريمة.. وبغير تلك الحقوق ستظل الحشود مجرد تفرطة وتجول للإطلاع على مايُعرض على الأرصفة من بضائع تجارية أو سياسية، أو حتى دينية ومذهبية متطرفة.
لا شيء يُرعب مليشيا الحوثي كالمظاهرات والتجمعات الشعبية التلقائية؛ وعرس المومري مثل لهم رعباً وكابوساً حقيقياً في لحظة يدعون أنهم تحولوا إلى قِبلة وحيدة لابناء اليمن، لأنهم ببساطة يعلمون أنهم حالة نشاز وظاهرة طارئة سرعان ماستزول.
ذلك المشهد، وببساطة أوصل رسالة واضحة المعالم للداخل وللخارج أن من أسهل الأمور في اليمن هو تحشيد الناس إلى الساحات، إلا أن أصعبها هو حيازة قلوبهم ومشاعرهم الحقيقية، ولذا من الخطأ إطلاق الأحكام والبناء على فعاليات جماهيرية نُظمت بالترغيب والترهيب، وبأدوات الدولة ونفوذها.
مبروك للفنان الشعبي مصطفي المومري عرسه وبالرفاه والبنين.. ونصيحتي له الإنتباه على نفسه من حقد وغدر من يكذبون على الله ورسوله، ومن يدعّون امتلاكهم لوكالة وبصيرة من الله جل في علاه..
من اليوم ستشهد المناطق الخاضعة لسلاح الحوثي مزيداً من التضييق، ومنعاً للأعراس وللمناسبات الشعبية التي لا تنتمي إلى مشروعهم العنصري، حتى لا تطغى على مناسباتهم الجنائزية الكثيرة، والتي لا تنتمي لثقافة وتاريخ اليمن العريق.
عبدالوهاب طواف
7 نوفمبر 2020م.