انتهيت من حوالي اسبوعين من قراءة كتاب " الإنسان يبحث عن المعنى " للمؤلف فيكتور فرانكل ترجمة الدكتور طلعت منصور
يتحدث مؤلف الكتاب الذي هو بالأصل طبيب مختص بالعلاج النفسي ومن أشهر علماء النفس في أوروبا، عن نظرية جديدة في العلاج النفسي عبر ما يسميه العلاج بالمعنى حيث يهتم المؤلف بطرق العلاج النفسي عبر العلاج بالمعنى فهو يركز في معالجته النفسيه للمتضررين نفسيا عبر تحفيزهم بالاهتمام بالمستقبل أكثر من الاهتمام بالماضي حيث يتلخص عمل المعالج في أن يستكشف الجوانب التي يمكن ان يكون لها معنى في حياة من يسمى بالمريض فعلى المعالج ان يساعد المريض في تجميع هذه الجوانب وتعميقها وتحويلها لتكون له مصدرا من مصادر السعي والفاعلية والحيوية والاستمرارية.
الكتاب من صفحاته الاولى وحتى ماقبل الباب الاخير يتحدث عن معاناة الدكتور فيكتور فرانكل مؤلف هذا الكتاب في معسكرات الاعتقال النازية .
يسرد لنا الدكتور فيكتور قصص عن الفضاعات التي يمارسها النازيون في معتقلاتهم يلخص لنا الوجه الأكثر قبحا ووحشية للإنسان الذي تخلى حتى عن حيوانيته في معاملة غيره من أبناء جنسه كل ما قد يرتبط في أذهان البشر من وسائل القتل والإرهاب والجريمة التي مورست ضد المعتقلين لا يمكن ان تخطر على بال بشر لقد كانوا وحوش بشرية تقتل وتعذب لغاية القتل والتعذيب فقط حتى السجانين المشرفين على تعذيب المعتقلين والمسؤولين عن غرف الاعدامات بالغاز وفي الأفران كانوا هم أنفسهم ينتهون لنفس المصير من الإعدام عندما تنتهي مهمتهم .
كان على المعتقلين ان يتحملوا درجات غير عادية من الجوع والتعب في ظل العمل الشاق في حفر الطرق والأنفاق والحفر حتى باظافرهم، وكل من يمرض منهم ويصيبه الوهن والإعياء تنتهي خدمته ويحال مباشرة إلى غرف الحرق بالفرن او الاعدامات بالغاز.
لم استطع وانا اقراء ان استوعب حجم ما ذكره عن فظائع الاجرام النازي الذي كان هو شاهدا عليه وأحد الأفراد الذين عاشوا معاناته.
حينها تواردت الى ذهني بعض الأسئلة كيف يمكن لنظام ما ان يمارس هذه البشاعة من العنف والجريمة المركبة مهما كانت دوافع ذلك لدرجة انني كنت اعتقد ان ما كان يرويه الكاتب من فظائع النازية مبالغ فيه إلى أن كشفت لنا أحداث الثامن من ديسمبر ٢٠٢٤ بعد تحرير دمشق وسقوط نظام بشار الاسد ان ما ذكره فيكتور فرانكل في كتابه العلاج بالمعنى كان صورة حقيقية بل هناك ماهو اكثر فضاعة لم يرويها الكتاب لنا عن جرائم النازية، فالنازية كانت ولا تزال حدث عابر ونسخة وراثية متنقلة جيناتها بين عددا من الانظمة الشمولية الحاكمة.
لم تكن وجهة الشعب السوري بعد سقوط نظام بشار الاسد نحو قصور النظام ولا مقرات حكمه كان الشعب من اللحظة الأولى لسقوطه يزحف نحو سجون ومعتقلات النظام، ليبحث بداخلها عن شعب سوريا المغيب والمعتقل بداخل هذه السجون ليحرر من فيها الذين بلغ عددهم حوالي ٤٠٠ ألف معتقل وسجين يجري البحث عنهم .
عشرات الآلاف من المفقودين مازالوا حتى هذه اللحظة مجهولي المكان ولا أثر لهم، هناك في سجون الأسد عشرات الآلاف من الذين تم إعدامهم بعد تعذيب وحشي اختار السجان ان يلقي بهم غرف الأعدامات وافران الحرق وغرف الملح التي كانت تلقى بها جثثهم حتى يتسنى حفر مقابر جماعية لهم.
هرب السجان ناجيا بنفسه ولتلاشى إثر السجانين وبقي السجناء لوحدهم ليواجهوا قدر الحياة والثورة والشعب الذي ينتظرهم من جديد .
في سجن صيدنايا كان السجناء صيد الاسد ونظامه النيء لذي اعتادوا على تقطيعه وطهيه لعشرات السنين.
خرج المعتقلين من معتقلات البعث العربي معتقلات الاسد معتقلات النظام النازي العربي الممانع والمقاوم ليخبر العالم عن واحده من اكبر الأكاذيب والحيل السياسية، حول دور النظام في مقاومة الصهاينة وعن تحالفه مع محور المقاومة وتكامل دوره مع شركائه في طهران وحزب الله الذين لا يقل دورهم عن جرائم الأسد بكذبة المقاومة ومحاربة الإرهاب ومنعا لسقوط سوريا بيد الارهابيين.
شغل نظام الأسد العالم عن حقيقة حكمه النازي عن تعذيبه لشعبه وادخل العالم والمنطقة في ملهاة حقيقية تحجب حتى عن بعض أبناء سوريا حقيقة هذا النظام الوحشي.
كسرت ابواب السجون بسواعد الشعب ومعاول الحرية بعد قرابة خمسون عاما من السجن والذل والقتل والتعذيب لتخرج للعالم شهادات حية من داخل هذه السجون لم تكاد كميرات البث المباشر التي تنقل لنا مشاهد من سجون بشار وخاصة سجن صيد نايا ان تستوعبها لتصرخ وجه الانسانية وفي الضمير العالمي اين كنتم عن نقل هذه الحقيقة لسنوات خالت .
الشعب السوري اليوم يوثق جرائم النظام وانا هنا اسميها جرائم النظام وجرائم حزب البعث العربي السوري وليس فقط جرائم بشار الاسد لقد كان كان نظام متكامل برجاله وعقيدته ووسائل حكمه واجهزته الأمنية والعسكرية والاستخباراتية والقضائية واذرعه الاعلامية والتربوية والتعليمية مسؤولا عن كل من حدث لم يكن بشار منفردا او متفردا في ارتكاب الجريمة لذا لابد من المسألة والمحاكمة لكل من يثبت تورطهم في التعذيب لابد من محاكمة المسؤولين عن الاعتقالات وسلسلة العنف والجرائم والاعدامات انصافا لهذا الشعب .
كما يحب الاعلان عن حل حزب البعث ومصادرة امواله وممتلكاته وارجعها الى خزينة الدولة لابد من محاكمة قيادة الحزب واعلان تجريم الانتماء له.
لقد عادت سوريا وانتهت فصول الارهاب الأسدي ولابد لكل ظباع الاسد المتوحشة ان تلقى مصيرها من المحاسبة انصافا للشعب ومنعا لنازية جديدة قد تتراكم على عاتق الشعب المحرر.