الدين الإسلامي هو الدين السليم السوي، الذي تركه لنا النبي ساعة وفاته. ورسالته تتلخص في حث الناس على التوحيد والمساواة والعدالة والأمانة والإخلاص في العمل، والاستقامة، والحفاظ على الحقوق، والالتزام بالواجبات، وتقديم المصالح العامة على الخاصة، وتقديس النفس والعرض والمال، بغض النظر عن معتقد ديني أو سياسي أو فكري.
ولذا؛ فالدين لا يحتاج لتجديد وتبييض ورقاع ومذاهب ووعاظ، ودعاة جدد؛ يجددون لنا سرد قصص حروب المسلمين ضد كفار قريش، بمؤثرات صوتية وموسيقية تصويرية حديثة، وينسجون لنا روايات جديدة؛ مزخرفة ومجددة لمعارك قريش الدموية على السلطة؛ بعد اغتيالهم للصحابي الجليل عثمان بن عفان.
الذي يحتاج إلى تجديد هو سلوك الناس وعاداتهم وأخلاقهم وتعاملاتهم البينية، وتجديد وترقية طرق إدارتهم لحياتهم ولخلافاتهم، إن وجدت، وترسيخ حقوق حرية العبادة والتعبير.
ما نحتاج له في اليمن هو قراءة تصحيحية لتاريخ اليمن المطمور بالروايات الفارسية وبالمعتقدات المذهبية، وبالسرديات الإمامية، التي زورت وحرفت تاريخ اليمنيين، وشوهت قياداتهم وأقيالهم وملوكهم.
الذي يحتاج لتجديد هو المناهج التعليمية ووسائل وطرق التعلم والتعليم والتثقيف، وطرق البحث العلمي، ومساعدة الأطفال والشباب على الإبداع لا الحفظ، وعلى التفكير لا الانغلاق، وعلى البحث لا الثبات على سرديات ماضوية، فشلت في مهدها.
الذي يحتاج لتجديد هو نصوص الدستور ومواد القانون، وكل ما يضمن عدالة توزيع السلطة والثروة بين اليمنيين، ويؤدي إلى تحسين ظروف العمل، والرواتب والمعاشات، والمشافي والسجون، ووسائل النقل والحياة، وكل ما من شأنه خدمة الناس. نحتاج لتجديد نظرة الرجل إلى المرأة، وترقية قناعاته بحقوقها، وأنها نصف المجتمع، وليست مجرد عورة وخادمة، وأرنب تلد.
نحتاج لتجديد وظائف المسجد، ومؤهلات من يصعد إلى المنبر للخطابة؛ لوعظ الناس وإرشادهم. نحتاج لتجديد التشريعات الناظمة والمانعة لتداخل مرويات الدين ووعاظه في إدارة الدولة وشؤون الناس الخاصة.
نحتاج لتجديد نظرتنا وتعاملاتنا وسلوكنا مع غير المسلم في مجتمعاتنا المسلمة، وأن الوطن للجميع والدين لله، وأن المواطنة لا تتأثر بتعدد الدين واختلافاته.
نحتاج لإعادة النظر في تعاملنا مع الفن والتمثيل والرياضة والإبداع، بدلا عن التطييف والتحشيد والزوملة والشحن المذهبي.
ما نحتاجه هو فتح عقولنا وتنظيفها من رواسب المذهبية ومن شوائب الطائفية، ومن أدران المناطقية، ومن كل معتقد يقدس بشر، ويفرق بين الناس في الحقوق والواجبات.
نحتاج لرجالات دولة وخبراء لإدارة الدنيا وتعميرها، لا إلى وعاظ ودعاة جدد يدفعون الشباب إلى الإلحاد والتشرد، ويكرهونهم في حالهم ودنياهم، ويزينون لهم طرق الموت والفناء.
*. نلتقي في غزوة توعوية جديدة