يروى في الأثر تخاصم امرأتين على أمومة طفل، فحكم القاضي بشطره مناصفة بينهما، فصرخت الأم الحقيقة انه ابن الأخرى، هذه الرواية بمدلولها تعكس نفسها على الواقع اليمني ومسؤولية الشرعية.
فالشرعية اليمنية تقدم التنازلات من أجل اليمن، الدولة والوطن والشعب، منذ بداية الأحداث التي عصفت باليمن، يدفعها لذلك روح المسؤولية، وتصرف الدولة، الملتزمة بسلوك الدول، هذه المسؤولية الوطنية، استغلتها مليشيا الحوثي الارهابية، التي تفكر بعقلية المليشيا والفيد والغنيمة، والذين يقفون خلفها وعلى رأسهم راعيتها إيران، فهم يطلبون من الشرعية في كل منعطف للتوجه نحو السلام، المزيد من التنازلات والابتزاز، فالمليشيات الحوثية الارهابية، لا تؤمن بالسلام، وهو ليس من خياراتها، الثقافية والعقائدية، وهذا المسار نقل الأزمة اليمنية، من واقع إنقلاب الإمامة، على الشرعية والدولة، والجمهورية والثورة، وحربها العدوانية على اليمن، بشرعيته ودولته وشعبه ووطنه، وعلى المنطقة والملاحة الدولية، بأهم ممر تجاري في المنطقة، إلى واقع أزمة إنسانية، وأسرى ، ومرتبات، وطرق، وهي مأساة حقيقية يجب وضع حد لها بإسقاط الانقلاب، لكنها من جانب أخر، هي عناوين تُستغل لشرعنة إنقلاب المليشيات الحوثية الارهابية، من خلال ابتزاز الشرعية اليمنية، والوسطاء الدوليين، وساعد في هذا المشهد بدرجات متفاوتة، تعدد واختلاف مشاريع بعض قوى الشرعية.
المأساة الإنسانية للانقلاب الإمامي، أمر مقلق بالنسبة للممثلين الدوليين، كما يصفونه، ببياناتهم وتصريحاتهم، وهو بالنسبة لليمنيين، جريمة بشعة بحقهم، مارستها وتمارسها الإمامة بالأمس واليوم، واليمنيون في مواجهة مستمرة مع الإمامة، عبر تاريخهم منذ وطئت اقدامها اليمن.
هذه المأساة الإنسانية، بمختلف تداعياتها والمؤثرة بشدة على المواطن اليمني، نتجت أصلاً بسبب حرب الانقلاب الإمامي، وعدوانه على اليمنيين، والتي انطلقت بدايتها من صنعاء مع انقلاب الإمامة، نحو المحافظات اليمنية، تحت عنوان "حملة اشداء على الكفار" .
فلولا عدوان انقلاب المليشيا الحوثية الارهابية، على شرعية الدولة ومشروعها الاتحادي، لما حدثت أزمة إنسانية في اليمن، بنتائجها الكارثية والمأساوية التي يعاني منها اليمنيون، وبالرغم من ذلك فالشرعية مع السلام الحقيقي والمستدام، والقائم على المرجعيات المعترف بها، وطنياً واقليمياً ودولياً، والذي توسطت به المملكة الشقيقة، وقبلته الشرعية اليمنية، ورفضته المليشيات الحوثية الارهابية.
لكن اعداء السلام والاستقرار يستغلون مقاربات السلام، ويتجهون نحو أمرين الأول: عدم ربط هذه المعاناة الإنسانية، بالانقلاب الامامي وعدوانه، على الدولة اليمنية والشعب اليمني، والمنطقة، ومن ثم معالجة أصل الداء المُنتج للحرب والأزمة الانسانية.
الثاني: تقليص دور الشرعية وصوتها، بحجج مختلفة، أحقرها التشويه والتشهير، ليس بهدف تصحيح المسارات المغلوطة للبعض، بل للقضاء على الشرعية، في وعي الشعب اليمني، وأنها خياره الوحيد لإسقاط الانقلاب، وخياره للتوجه نحو المستقبل والتنمية والاستقرار، وبأنها رمزاً للجمهورية والثورة، ومشروع الدولة الاتحادية، ورافعة لإنقاذ اليمن من تآمر مخططات تفكيكه، القائمة على ضرب دولته الوطنية الجامعة، وهويته الموحدة لشعبه وأرضه.
هذا المشروع التآمري التي تقوم به المليشيا الحوثية الارهابية ومن ورائها، لا يستهدف اليمن فقط، لكنه مشروع يستهدف المنطقة كلها، بدأ تنفيذه منذ وصول الخميني لطهران، وبروز التطرف والإرهاب، والقاعدة وداعش، لإشعال الحروب المذهبية في المنطقة، بهدف إخضاع دولها لهيمنة رأسمالية التوحش، والاستيلاء على ثرواتها وبحارها وممراتها وجزرها، في ضل الصراع المتصاعد، حول الاقتصاد الأزرق، بين القوى العظمى، والممتد من بحر الصين الجنوبي ومضيق ملقا، إلى العالم العربي وأوروبا والكوريتين.
اليوم لا مناص أمام الشرعية اليمنية بقيادة فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، من أن تدرك أن قدرها هو انقاذ اليمن، وأن توحيد صفوفها، وارتباطها بشعبها، وتحالفها بقيادة المملكة، هي مرتكزات النصر والمستقبل وأول الأولويات.
وعلى الشعب اليمني ونخبه، الإيمان اليقيني بالشرعية، وإدراك طبيعة الصراع وخطورته، وعدم الوقوع في فخاخ محاربة الشرعية، فلا بديل لها غير مشاريع الإمامة والتدمير والتفتيت، والتطرف والإرهاب.
وعلى جميع المرتبطين بالحرب اليمنية، من الإقليم والعالم، الإدراك بأن الشرعية اليمنية، بقيادة فخامة الرئيس رشاد العليمي، هي خيار المستقبل، لليمن، والجوار، والمنطقة، والعالم،للاستقرار والتنمية، في هذه المنطقة الاستراتيجية والملتهبة، والمحاطة بصراعات القوى الاقليمية والدولية.