مجموعة العشرين هي بالأساس عبارة عن منتدى، للتعاون الاقتصادي والمالي، وتضم أكثر الدول تأثيراً في الاقتصاد العالمي، واجتماعاتها دورية، ورئاستها دورية أيضاً، وقراراتها غير ملزمة. وتضم حالياً: الولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان وروسيا وألمانيا والهند والبرازيل الأرجنتين وبريطانيا وفرنسا وأستراليا وكندا وإندونيسيا وإيطاليا والمكسيك والسعودية وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية وتركيا والاتحاد الأوربي.
وتحضر اجتماعاتها منظمات وهيئات دولية مختلفة، على رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومجلس الاستقرار المالي ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي ومنظمة العمل الدولية، إضافة إلى الأمم المتحدة.
وقد انبثقت فكرة تكوين مجموعة العشرين من مجموعة السبع الكبار (الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكندا)، التي كانت تجتمع على مستوى وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية في الدول السبع. وقرر هؤلاء في عام 1999م، توسيع إطار المجموعة، بحيث يضم نظراءهم في دول أخرى، ذات تأثير في اقتصاديات العالم، فتشكلت بذلك مجموعة العشرين.
وتم رفع مستوى المشاركة في اجتماعات مجموعة العشرين إلى مستوى رؤساء الدول، بعد الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008م، التي بدأت، كما هو حال كل الأزمات الاقتصادية الكبرى في العالم، من الولايات المتحدة الأمريكية.
ويمثل إنتاج مجموعة العشرين حوالي 80% من إجمالي الإنتاج العالمي، وحصتها من حجم التجارة العالمية حوالي 75%، وعدد سكانها ثلثي سكان العالم.
وقد عقد اجتماع قمة العشرين هذه المرة في الرياض، ولكن عبر الدائرة الالكترونية المغلقة، نظراً للوضع الصحي، الذي فرضه على العالم فيروس كورونا.
ورغم أن هذا الاجتماع كان مجرد اجتماع افتراضي، لم يلتق المشاركون فيه في قاعة واحدة، في مدينة واحدة، في بلد واحد، فإن مجرد اعتبار أنه يُعقد نظرياً في مدينة الرياض، قد أثار المنظمات الإنسانية والناشطين في مجال حقوق الانسان، في كل العالم. وهؤلاء جميعهم عارضوا عقد الاجتماع في المملكة السعودية، بسبب سجلها الخاص بالجرائم الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان، داخل المملكة وخارجها. وعلى رأس جرائمها وانتهاكاتها الخارجية، تلك التي ترتكبها بحق اليمن واليمنيين.
وقد خيم وباء كورونا، الذي اجتاح العالم، على اهتمام قادة المجموعة، وفرض حضوره القوي في البيان الختامي للقمة، حتى أنه كان محور جميع بنود البيان الثمانية والعشرين، التي تناولت قضايا اقتصادية ومالية وتجارية مختلفة، وحتى البنود المتعلقة بالتعليم والسياحة والضرائب والنقل والسفر والفساد وغسيل الأموال والهجرة والنزوح والنظام الضريبي والتنمية المستدامة، وغيرها من البنود، لم تكد تخلُ من الحديث عن تأثير جائحة كورونا على هذه الجوانب جميعها.
وبالطبع لم تتعرض القمة إلى جائحة الحروب الظالمة، المباشرة وغير المباشرة، التي تشنها دول عديدة من أعضاء المجموعة، على البلدان الضعيفة والفقيرة، والتي يفوق ضحاياها ضحايا جائحة كرونا، التي أرعبت العالم. فموضوع كهذا يصطدم بالمصالح الاقتصادية والمالية والسياسية لعدد من أعضاء المجموعة الأقوياء، ويلحق الضرر بهذه المصالح، ولا سيما بتجارة السلاح، التي لا يزدهر سوقها إلا بإشعال الحروب، حيثما يمكن إشعالها.
وقد رأت جماعة نداء السلام، أن تهتبل فرصة اجتماع قمة العشرين هذه، لتوجه نداءً إنسانياً إلى أعضائها، تلفت انتباههم إلى المأساة اليمنية، وتناشدهم بأن يمارسوا ضغطاً عاجلاً على الدول الضالعة في حرب اليمن، حتى توقف عملياتها العسكرية، وترفع حصارها المطبق، وتتيح لليمنيين أن يتوجهوا نحو السلام، ويبنوا بلدهم، بالصورة التي يتوافقون عليها.
وقد تلقت الجماعة رسائل واتصالات كثيرة، بعد نشر رسالتها الموجهة إلى قمة العشرين. وكل هذه الرسائل والاتصالات تؤكد اهتمام أصحابها بالرسالة، وتفاعلهم مع محتواها. ولكن بعضهم أبدى ملاحظات، يتلخص أهمها، في أن الرسالة علقت أملاً على من لا يُعلَّق عليه أمل. وهذه ملاحظة صحيحة، إلى حد كبير. فمجموعة العشرين لها أولوياتها، ولا يمكن أن تشغلها مأساة الشعب اليمني أو أي اعتبارات إنسانية، عن علاقاتها الاقتصادية المثمرة، مع الدول الضالعة في الحرب على اليمن، وبعضها أعضاء في مجموعة العشرين نفسها. ومع ذلك، فإن جماعة نداء السلام، قد رأت بأن صرخة الألم يجب أن تصل إلى أسماع هذا التجمع العالمي الكبير، ومن خلاله إلى شعوب دول العشرين وشعوب العالم الأخرى.
وبإيجاز شديد، لا بد من أن نصرخ في سمع العالم، ونواصل مناشدتنا لعقله وضميره، في كل مناسبة وفي كل فرصة تتاح أمامنا. فنحن أولاً وأخيراً، لا ننشد إلا السلام، ولا نطالب إلا بأن تتركنا القوى الاقليمية والدولية (المتصارعة)، بعيدين عن صراعاتها، نحل مشاكلنا كيمنيين فيما بيننا، نتصالح ونتوافق، ونبني علاقات موضوعية بيننا، وعلاقات موضوعية بيننا وبين جيراننا والعالم.
إننا نحلم بالسلام ونسعى إليه. السلام الذي حددت جماعة نداء السلام محتواه ومعناه، منذ اللحظة التي أطلقت فيها (نداء السلام)، السلام المبني على توافق اليمنيين وتعايشهم، المؤسس على قاعدة الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية والتبادل السلمي للسلطة، عبر صناديق الانتخابات. السلام، الذي يربط الجميع بالمصالح العليا لليمن ويتجاوز المشاريع الصغيرة، إلى مشروع بناء اليمن الواحد الحر المستقل القوي بأبنائه جميعهم.
إننا نعرف بأن ما يسمى (السلام المستدام)، بحسب تعبير بعض أصدقائنا، لا وجود له في كل التاريخ البشري، وأن هذه العبارة الرومانسية الجميلة، ليست إلا من قبيل الاستغراق في الحلم والانجذاب إلى إغراء اللغة وعباراتها الملتبسة والابتعاد عن مسار التاريخ، الذي يتحرك عبر التدافع، بحسب الرؤية الاسلامية، وعبر التنازع، بحسب رؤية إما نويل كانت، وعبر التناقض، بحسب الرؤية الماركسية. مع ذلك، ومع أن عوامل التدافع والتنازع والتناقض تفضي، عند تفاقمها، إلى الحرب، فإن ضبطها من خلال قواعد متوافق عليها، تحقق المصالح المشتركة وتحجم النزوع إلى الاستئثار بالسلطة والثروة العامة، يمكن أن يضمن سلاماً طويلاً، ينعم به المجتمع، قبل أن تهب رياح حروب جديدة. فالنزوع البشري إلى الاستئثار بالسلطة والثروة، هو الذي حال، عبر التاريخ، دون وجود (سلام مستدام) على الأرض. وهذا النزوع يكمن وراء التناوب المستمر، بين السلام والحرب: سلام تتراكم في داخله عوامل النزاع والصراع فالحرب. وحرب تتراكم في داخلها العوامل الدافعة إلى خيار السلام. وهكذا تدور عجلة التاريخ، التي لا تتوقف: سلام يتدحرج نحو الحرب، بحسب تعبير أحد الأصدقاء، وحرب تتدحرج نحو السلام. وعلى هذا النحو يمضى التاريخ في مساره، من بدئه وحتى نهايته. ونمضي نحن معه، متشبثين بخيار السلام، نحلم به ونسعى إليه، ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.