في الاونة الاخيرة كثفت الولايات المتحدة الامريكية الضربات الجوية ضد الحوثيين في اليمن، لا سيما بعد وصول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الابيض. يبدو ان الرئيس ترامب عازم على اضعاف الحوثيين الموالين لايران والذين يسيطرون على معظم شمال اليمن وهي المناطق التي تتميز بالكثافة السكانية العالية والتضاريس الجبلية الوعرة. تهدف ادارة الرئيس ترامب من هذه الغارات الجوية الى تأمين الشحن الدولي في البحر الاحمر ومضيق باب المندب، بالاضافة الى ايقاف الهجمات الحوثية ضد اسرائيل.
من الواضح ان الغارات الجوية الامريكية ضد الحوثيين في الاونة الاخيرة اتسمت بالفعالية الشديدة والدقة العالية. حيث يتم استخدام صواريخ عالية الدقة لاستهداف مواقع حوثية حساسة جدا مثل مخازن الاسلحة واماكن تصنيع وتركيب الصواريخ والطائرات المسيرة والقيادات الحوثية الخطرة وانظمة الاتصالات ومراكز القيادة والسيطرة والبنية التحتية العسكرية للحوثيين.
تتمتع الغارات الجوية الامريكية ضد الحوثيين برضى شعبي يمني واسع، لاسباب عديدة من بينها الكراهية الشديدة ضد الحوثيين في عموم اليمن، بالاضافة الى ان الغالبية الساحقة من الناس يأملون ان القصف الجوي الامريكي سيساعدهم في التخلص من سيطرة الحوثيين ونيل الحرية كما حدث في سوريا من انهيار لنظام بشار الاسد الذي كان وحشيا مثل الحوثيين.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الان يتمحور حول هل ان القصف الجوي الامريكي ضد الحوثيين كافي لاخضاعهم وتحقيق الاهداف الامريكية دون اللجوء الى عملية عسكرية برية تتزامن مع زيادة الغارات الجوية الامريكية؟ يزعم العديد من المحليين ان الغارات الجوية الامريكية ضد الحوثيين لن تكون كافية الى اخضاعهم، لا سيما بعد الخطاب الاخير لزعيمهم عبد الملك الحوثي الذي هدد فيه الامريكيين والاسرائيليين بمزيد من الهجمات الموجعة، بالاضافة الى اعلان الجهاد المقدس ضد اسرائيل حتى تتحر فلسطين على حد قولة.
وعلى الرغم من عدم وجود مؤشرات على الارض بخصوص شن عملية عسكرية برية ضد الحوثيين بدعم امريكي، الا ان هذا الخيار لن يكون مستبعدا في الفترة القادمة. في الوقت الحالي لا نرى اي استعدادات عسكرية من قبل الفصائل اليمنية المعادية للحوثيين والمدعومة من السعودية والامارات. فهذه الفصائل تحتاج الى الدعم المالي والاسلحة الثقيلة والذخائر والاسلحة النوعية لخوض معركة برية ضد الحوثيين، بالاضافة الى ذلك لم تصدر اي تصريحات رسمية من الرئيس رشاد العليمي او من قيادة التحالف العربي او من الادارة الامريكية بخصوص شن عملية عسكرية برية ضد الحوثيين بدعم امريكي.
يرى البعض ان الادارة الامريكية لا تنوي طرد الحوثيين من صنعاء والحديدة، وانما تهدف الى تأديبهم فقط وايقاف هجماتهم على اسرائيل ومنع تهديد الملاحة الدولية في البحر الاحمر ومضيق باب وارغامهم على التفاض مع الاطراف اليمنية الاخرى لتحقيق السلام في اليمن، ولكن هذه الاهداف لن تتحقق من خلال القصف الجوي وفقا لمصادر محلية واقليمية ودولية. من الواضح ان الادارة الامريكية لن ترسل جنود الى اليمن لمحاربة الحوثيين بريا، لكنها ستلجأ الى دعم واسناد الفصائل اليمنية المعادية للحوثيين لشن هجوم بري محدود من جهة الشرق والجنوب والساحل الغربي لليمن.
ان خيار العملية العسكرية البرية ضد الحوثيين تتوقف على مدى استجابة الحوثيين لنتائج الغارات الجوية الامريكية، فاذا غير الحوثيين نهجهم العدائي ضد اسرائيل واوقفوا الهجمات ضد السفن في البحر الاحمر ومضيق باب المندب وابدوا نوعا من التعاون مع الادارة الامريكية من خلال تلبية الاجندة الامريكية على المستوى المحلي اليمني والاقليمي، فهذا يعني ان الادارة الامريكية لن تكون مضطرة الى عملية عسكرية برية. اما اذا واصل الحوثيين نهجهم العدائي ضد اسرائيل وامريكا وتهديد الملاحة الدولية واعاقة السلام في اليمن، فمن المحتمل شن عملية عسكرية برية واسعة النطاق قد تؤدي الى طرد الحوثيين من صنعاء والحديدة واب وتعز.