هناك رواية تلخص وضع اليمن، حين ذهب أحد المتنفذين لجهة حكومية، ومعه أحد خُبْرَتِهِ لتوظيفه، فأخبره المسؤول أن هذه الوظيفة التي يريدها لمن معه، تحتاج أن يكون الموظف فيها (جَامِعي) أي يمتلك شهادة جامعية، فرد عليه قائلاً عز الطلب خبيري هذا هو (جَا مَعِيْ) أي حضر برفقتي.
وهذا المشهد يعكس مأساة وتخلف اليمن، ومعوقات بناء الدولة اليمنية، فالمتابع للوضع اليمني يستغرب من عدم بناء الدولة اليمنية القادرة والمقتدرة، مثل محيطها الجغرافي، لا سيما وهي تتمتع بثروات متعددة، وموقع جغرافي متميز وفريد، وثروة بشرية فاعلة، ولو أنه تم بناء هذه الدولة، لما حصل الانقلاب الحوثي، ودخل اليمنيين متاهة الحرب والمعاناة.
تكمن إشكالية بناء الدولة اليمنية بسبب تقديم (الخُبْرَةُ) على (الخِبْرَةُ) في أجهزة ومؤسسات الدولة، هذا التقديم تفرضه العصبيات، العنصرية، والمذهبية، والقبلية، والمناطقية، والحزبية، فكل عصبية تريد خُبْرَتِها وأنصارها فقط، حتى خُبرائها لا مكان لهم عندها، وهذا أدى إلى افتقار مؤسسات الدولة للخِبرات المتخصصة والمتميزة، والتي تعمل على إدارة المؤسسات، وبنائها كمؤسسات لدولة، لا لعصبية، وما تم هو بناء مؤسسات (خُبْرَةُ) لا (خِبْرَةُ)، مما أدى لانهيار الدولة ومؤسساتها، أمام مليشيا الإنقلاب الأمامي بشكل درامي ومأساوي.
اليوم يدفعني الإيمان واليقين، للقول بأن بناء الدولة اليمنية القادرة والمقتدرة، القائم على (الخِبْرَةُ) لا (الخُبْرَةُ) سيبدأ مسيرته، لوجود رئيساً للجمهورية يحمل شهادة الدكتوراه، وهو فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، وكذلك وجود رئيساً لمجلس الوزراء يحمل شهادة الدكتوراه، هو الدكتور معين عبد الملك سعيد، وهما رغم الإرث المتراكم لمبدأ (الخُبْرَةُ) منذ عصر الإمامة لليوم، الناتج عن ثقافة العصبية المهيمنة، سيعملان على اخراج اليمن من نفق تخلف مبدأ وثقافة (الخُبْرَةُ) إلى مبدأ وثقافة (الخِبْرَةُ) لبناء اليمن الجديد، يمن الدولة الاتحادية، دولة الوطن الواحد، والمواطنة الواحدة المتساوية.
والواجب اليوم على كل المكونات بمختلف مسمياتها، الانتقال من ثقافة (الخُبْرَةُ) إلى ثقافة (الخِبْرَةُ)، ليكونوا عوناً لقيادة الدولة في بناء يمن المستقبل.
جمعتكم وعي بثقافة (الخِبْرَةُ) ورفض لثقافة (الخُبْرَةُ) فهذه طريق نهضة اليمن.
د عبده سعيد المغلس
٤-٨-٢٠٢٣ م